(فان الطالب إذا عظمت رغبته في حصول أمر يكثر تصوره) أي الطالب (إياه) أي ذلك الامر (فربما يخيل) أي ذلك الامر (إليه حاصلا) فيعبر عنه بلفظ الماضي (وعليه) أي على استعمال الماضي مع أن لاظهار الرغبة في الوقوع ورد قوله تعالى " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء " (ان أردن تحصنا) حيث لم يقل ان يردن.
فان قيل تعليق النهى عن الاكراه بارادتهن التحصن يشعر بجواز الاكراه عند انتفائها على ما هو مقتضى التعليق بالشرط، أجيب بان القائلين بان التقييد بالشرط يدل على نفى الحكم عند انتفائه انما يقولون به إذا لم يظهر للشرط فائدة أخرى ويجوز ان يكون فائدته في الآية، المبالغة في النهى عن الاكراه يعنى أنهن إذا أردن العفة فالمولى أحق بإرادتها وأيضا دلالة الشرط على انتفاء الحكم انما هو بحسب الظاهر والاجماع القاطع على حرمة الاكراه مطلقا قد عارضه والظاهر يدفع بالقاطع (قال السكاكي أو للتعريض) أي ابراز غير الحاصل في معرض الحاصل.
اما لما ذكر واما للتعريض بان ينسب الفعل إلى واحد والمراد غيره (نحو) قوله تعالى " ولقد أوحى إليك والى الذين من قبلك (لئن أشركت ليحبطن عملك) " فالمخاطب هو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعدم اشراكه مقطوع به، لكن جئ بلفظ الماضي ابرازا للاشراك الغير الحاصل في معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الاشراك بأنه قد حبطت أعمالهم كما إذا شتمك أحد فتقول والله ان شتمني الأمير لأضربنه، ولا يخفى عليك انه لا معنى للتعريض لمن لم يصدر عنهم الاشراك وان ذكر المضارع لا يفيد التعريض لكونه على أصله ولما كان في هذا الكلام نوع خفاء وضعف نسبه إلى السكاكي والا فهو قد ذكر جميع ما تقدم ثم قال.
(ونظيره) أي نظير لئن أشركت، (في التعريض) لا في استعمال الماضي مقام المضارع في الشرط للتعريض قوله تعالى (" ومالي لا أعبد الذي فطرني، أي وما لكم لا تعبدون الذي فطركم بدليل واليه ترجعون ") إذ لولا التعريض لكان المناسب ان يقال واليه ارجع على ما هو الموافق للسياق (ووجه حسنه) أي حسن هذا