مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٨٩
والمحكوم به هو الموجود.
وباعتبار المنطقيين الحكم بلزوم وجود النهار لطلوع الشمس فالمحكوم عليه طلوع الشمس والمحكوم به وجود النهار فكم من فرق بين الاعتبارين.
(ولكن لابد من النظر ههنا في أن وإذا ولو) لان فيها أبحاثا كثيرة لم يتعرض لها في علم النحو (فان وإذا للشرط في الاستقبال لكن أصل ان عدم الجزم بوقوع الشرط) فلا يقع في كلام الله تعالى على الأصل الا حكاية أو على ضرب من التأويل (واصل إذا الجزم) بوقوعه فان وإذا يشتركان في الاستقبال بخلاف لو ويفترقان بالجزم بالوقوع وعدم الجزم به واما عدم الجزم بلا وقوع الشرط فلم يتعرض له لكونه مشتركا بين إذا وان والمقصود بيان وجه الافتراق.
(ولذلك) أي ولان أصل ان عدم الجزم بالوقوع (كان) الحكم (النادر) لكونه غير مقطوع به في الغالب (موقعا لان و) لان أصل إذا الجزم بالوقوع (غلب لفظ الماضي) لدلالته على الوقوع قطعا نظرا إلى نفس اللفظ وان نقل ههنا إلى معنى الاستقبال (مع إذا نحو فإذا جاءتهم) أي قوم موسى (الحسنة) كالخصب والرخاء (قالوا لنا هذه) أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها (وان تصبهم سيئة) أي جدب وبلاء (يطيروا) أي يتشأموا (بموسى ومن معه) من المؤمنين جئ في جانب الحسنة بلفظ الماضي مع إذا (لان المراد بالحسنة الحسنة المطلقة) التي حصولها مقطوع به.
(ولهذا عرفت) الحسنة (تعريف الجنس) أي الحقيقة لان وقوع الجنس كالواجب لكثرته واتساعه لتحققه في كل نوع بخلاف النوع وجئ في جانب السيئة بلفظ المضارع مع أن لما ذكره بقوله (والسيئة نادرة بالنسبة إليها) أي إلى الحسنة المطلقة (ولهذا نكرت) السيئة ليدل على التقليل (وقد تستعمل ان في) مقام (الجزم) بوقوع الشرط (تجاهلا)، كما إذا سئل العبد عن سيده هل هو في الدار وهو يعلم أنه فيها، فيقول: ان كان فيها أخبرك يتجاهل خوفا من السيد (أو لعدم جزم المخاطب) بوقوع الشرط فيجرى الكلام على سنن اعتقاده (كقولك لمن يكذبك ان صدقت
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»