خصوصه بل باعتبار عمومه فهو ليس من المجاز في شئ كما إذا لقيت زيدا فقلت لقيت رجلا أو انسانا أو حيوانا بل هو حقيقة إذ لم يستعمل اللفظ الا في معناه الموضوع له.
(وقيل إنها) أي الاستعارة (مجاز عقلي بمعنى ان التصرف في أمر عقلي لا لغوي لأنها لما لم تطلق على المشبه الا بعد ادعاء دخوله) أي دخول المشبه (في جنس المشبه به) بان جعل الرجل الشجاع فردا من افراد الأسد (كان استعمالها) أي الاستعارة في المشبه استعمالا (فيما وضعت له) وانما قلنا انها لم تطلق على المشبه الا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به لأنها لو لم تكن كذلك لما كانت استعارة لان مجرد نقل الاسم لو كانت استعارة لكانت الاعلام المنقولة استعارة ولما كانت الاستعارة أبلغ من الحقيقة إذ لا مبالغة في اطلاق الاسم المجرد عاريا من معناه.
ولما صح ان يقال لمن قال رأيت أسدا وأراد به زيدا انه جعله أسدا كما لا يقال لمن سمى ولده أسدا انه جعله أسدا إذ لا يقال جعله أميرا الا وقد أثبت فيه صفة الامارة وإذا كان نقل اسم المشبه به إلى المشبه تبعا لنقل معناه إليه بمعنى انه أثبت له معنى الأسد الحقيقي ادعاء ثم أطلق عليه اسم الأسد كان الأسد مستعملا فيما وضع له فلا يكون مجازا لغويا بل عقليا بمعنى ان العقل جعل الرجل الشجاع من جنس الأسد وجعل ما ليس في الواقع واقعا مجاز عقلي.
(ولهذا) أي ولان اطلاق اسم المشبه به على المشبه انما يكون بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به (صح التعجب في قوله قامت تظللني) أي توقع الظل على.
(من الشمس نفس أعز على من نفسي، قامت تظلني ومن عجب، شمس) أي غلام كالشمس في الحسن والبهاء (تظللني من الشمس) فلو لا انه ادعى لذلك الغلام معنى الشمس الحقيقي وجعله شمسا على الحقيقة لما كان لهذا التعجب معنى إذ لا تعجب في أن يظل انسان حسن الوجه انسانا آخر (والنهى عنه) أي ولهذا صح النهى عن التعجب في قوله (لا تعجبوا من بلى غلالته) هي شعار يلبس تحت الثوب وتحت الدرع أيضا.