مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٢٤
(قد زر أزراره على القمر) تقول زررت القميص عليه إزره إذا شددت أزراره عليه فلو لا انه جعله قمرا حقيقيا لما كان للنهي عن التعجب معنى لان الكتان انما يسرع إليه البلى بسبب ملابسة القمر الحقيقي لا بملابسة انسان كالقمر في الحسن لا يقال القمر في البيت ليس باستعارة لان المشبه مذكور وهو الضمير في غلالته وأزراره لأنا نقول لا نسلم ان الذكر على هذا الوجه ينافي الاستعارة المذكورة كما في قولنا سيف زيد في يد أسد فان تعريف الاستعارة صادق على ذلك (ورد) هذا الدليل (بان الادعاء) أي ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به (لا يقتضى كونها) أي الاستعارة (مستعملة فيما وضعت له) للعلم الضروري بان أسدا في قولنا رأيت أسدا يرمى مستعمل في الرجل الشجاع والموضوع له هو السبع المخصوص.
وتحقيق ذلك أن ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به مبنى على أنه جعل افراد الأسد بطريق التأويل قسمين: أحدهما المتعارف وهو الذي له غاية الجرأة ونهاية القوة في مثل تلك الجنة المخصوصة والثاني غير المتعارف وهو الذي له تلك الجرأة لكن لا في تلك الجنة المخصوصة.
والهيكل المخصوص ولفظ الأسد انما هو موضوع للمتعارف فاستعماله في غير المتعارف استعمال في غير ما وضع له والقرينة مانعة عن إرادة المعنى المتعارف ليتعين المعنى الغير المتعارف.
وبهذا يندفع ما يقال ان الاصرار على دعوى الأسدية لرجل الشجاع ينافي نصب القرينة المانعة عن إرادة السبع المخصوص.
(واما التعجب والنهى عنه) كما في البيتين المذكورين (فللبناء على تناسى التشبيه قضاء لحق المبالغة) ودلالة على أن المشبه بحيث لا يتميز عن المشبه به أصلا حتى أن كل ما يترتب على المشبه به من التعجب والنهى عن التعجب يترتب على المشبه أيضا (والاستعارة تفارق الكذب بوجهين بالبناء على التأويل) في دعوى دخول المشبه في جنس المشبه به بان يجعل افراد المشبه به قسمين متعارفا وغير متعارف كما مر ولا تأويل في الكذب.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»