مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٢٨
خصوص الوصف الكائن في التقطيع مرعى وملحوظ في استعارته لتفريق الجماعة بخلاف خصوص الوصف في المرسن.
والحاصل ان التشبيه ههنا منظور بخلافة ثمة.
فان قلت قد تقرر في غير هذا الفن ان جزء الماهية لا يختلف بالشدة والضعف فيكف يكون جامعا والجامع يجب ان يكون في المستعار منه أقوى.
قلت امتناع الاختلاف انما هو في الماهية الحقيقية والمفهوم لا يجب ان يكون ماهية حقيقية بل قد يكون أمرا مركبا من أمور بعضها قابل للشدة والضعف فيصح كون الجامع داخلا في مفهوم الطرفين مع كونه في أحد المفهومين أشد وأقوى الا ترى ان السواد جزء من مفهوم الأسود أعني المركب من السواد والمحل مع اختلافه بالشدة والضعف (واما غير داخل) عطف على اما داخل (كما مر) من استعارة الأسد للرجل الشجاع والشمس للوجه المتهلل ونحو ذلك لظهور ان الشجاعة عارض للأسد لا داخل في مفهومه، وكذا التهلل للشمس.
(وأيضا) للاستعارة تقسيم آخر باعتبار الجامع وهو انها (اما عامية وهي المبتذلة لظهور الجامع فيها نحو رأيت أسدا يرمى أو خاصية وهي الغريبة) التي لا يطلع عليها الا الخاصة الذين أوتوا أذهنا به ارتفعوا عن طبقة العامة.
(والغرابة قد تكون في نفس الشبه) بان يكون تشبيها فيه نوع غرابة (كما في قوله) في وصف الفرس بأنه مؤدب وانه إذا نزل صاحبه عنه وألقى عنانه في قربوس سرجه وقف مكانه إلى أن يعود إليه (وإذا احتبى قربوسه) أي مقدم سرجه (بعنانه، علك الشكيم إلى انصراف الزائر) الشكيم والشكيمة هي الحديدة المعترضة في فهم الفرس.
وأراد بالزائر نفسه شبه هيئة وقوع العنان في موقعه من قربوس السرج ممتدا إلى جانبي فم الفرس بهيئة وقوع الثوب في موقعه من ركبتي المحتبى ممتدا إلى جانبي ظهره ثم استعار الاحتباء وهو ان يجمع الرجل ظهره وساقيه يثوب أو غيره لوقوع العنان في قربوس السرج فجائت الاستعارة غريبة لغرابة التشبيه.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»