مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٢١
فيها الرحمة (أو) تسمية الشئ باسم (آلته نحو واجعل لي لسان صدق في الآخرين، أي ذكرا حسنا) واللسان اسم لآلة الذكر ولما كان في الأخيرين نوع خفاء صرح به في الكتاب.
فان قيل قد ذكر في مقدمة هذا الفن ان مبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم وبعض أنواع العلاقة بل أكثرها لا يفيد اللزوم فكيف ذلك.
قلنا ليس معنى اللزوم ههنا امتناع الانفكاك في الذهن أو الخارج بل تلاصق واتصال ينتقل بسببه من أحدهما إلى الآخر في الجملة وفى بعض الأحيان.
وهذا متحقق في كل أمرين بينهما علاقة وارتباط (والاستعارة) وهي مجاز تكون علاقته المشابهة أي قصد ان الاطلاق بسبب المشابهة فإذا أطلق المشفر على شفة الانسان فان قصد تشبيهها بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة وان أريد انه من اطلاق المقيد على المطلق كاطلاق المرسن على الانف من غير قصد إلى التشبيه فمجاز مرسل فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون استعارة وقد يكون مجازا مرسلا والاستعارة (قد تقيد بالتحقيقية) ليتميز عن التخييلية والمكنى عنها (لتحقق معناها) أي ما عنى بها واستعملت هي فيه (حسا أو عقلا) بان يكون اللفظ قد نقل إلى أمر معلوم يمكن ان ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية فالحسي (كقوله لدى أسد شاكي السلاح) أي تام السلاح (مقذف أي رجال شجاع) أي قذف به كثيرا إلى الوقائع.
وقيل قذف باللحم ورمى به فصار له جسامة ونبالة فالأسد ههنا مستعار للرجل الشجاع وهو أمر متحقق حسا (وقوله) أي والعقلي كقوله تعالى (" اهدنا الصراط المستقيم " أي الدين الحق) وهو ملة الاسلام وهذا أمر متحقق عقلا.
قال المصنف رحمه الله فالاستعارة ما تضمن تشبيه معناه بما وضع له.
والمراد بمعناه ما عنى باللفظ واستعمل اللفظ فيه.
فعلى هذا يخرج من تفسير الاستعارة نحو زيد أسد ورأيت زيدا أسدا ومررت بزيد أسد مما يكون اللفظ مستعملا فيما وضع له وان تضمن تشبيه شئ به وذلك لأنه
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»