مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٠٨
يقال فعله في روق شبابه وريقه أي أول وأصابه ريق المطر وريق كل شئ أفضله (وان ترحلت عنه لج في الطلب) وصف المشبه أعني الممدوح بان عطاياه فائضة عليه أعرض أو لم يعرض وكذا وصف المشبه به أعني الغيث بأنه يصيبك ان جئته أو ترحلت عنه والوصفان مشعر ان بوجه الشبه أعني الإضافة في حالتي الطلب وعدمه وحالتي الاقبال عليه والاعراض منه.
(واما مفصل) عطف على اما مجمل (وهو ما ذكر وجهه كقوله وثغره في صفاء، وأدمعي كاللآلئ وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه) أي بان يذكر مكان وجه الشبه ما يستلزمه أي يكون وجه الشبه تابعا لازما له في الجملة (كقولهم للكلام الفصيح هو كالعسل في الحلاوة فان الجامع فيه لازمها) أي وجه الشبه في هذا التشبيه لازم الحلاوة (وهو ميل الطبع) لأنه المشترك بين العسل والكلام لا الحلاوة التي هي من خواص المطعومات (وأيضا) تقسيم ثالث للتشبيه باعتبار وجهه وهو انه (اما قريب مبتذل وهو ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر لظهور وجهه في بادي الرأي) أي في ظاهره إذا جعلته من بدا الامر يبدو أي ظهر وان جعلته مهموزا من بدأ فمعناه في أول الرأي وظهور وجه الشبه في بادي الرأي يكون لامرين اما (لكونه أمرا جمليا) لا تفصيل فيه.
(فان الجملة أسبق إلى النفس) من التفصيل الا ترى ان ادراك الانسان من حيث إنه شئ أو جسم أو حيوان أسهل وأقدم من ادراكه من حيث إنه جسم نام حساس متحرك بالإرادة ناطق.
(أو) لكون وجه الشبه (قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن اما عند حضور المشبه لقرب المناسبة) بين المشبه والمشبه به.
إذ لا يخفى ان الشئ مع ما يناسبه أسهل حضورا منه مع ما لا يناسبه (كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز في المقدار والشكل) فإنه قد اعتبر في وجه الشبه تفصيل ما أعني المقدار والشكل الا ان الكوز غالب الحضور عند حضور الجرة في الذهن (أو مطلقا) عطف على قوله
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»