مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢١٦
بعرف الشرع في الدعاء فإنها تكون مجازا لاستعماله في غير ما وضع له في الشرع أعني الأركان المخصوصة وان كانت مستعملة فيما وضع له في اللغة (والوضع) أي وضع اللفظ (تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه) أي ليدل بنفسه لا بقرينة تنضم إليه.
ومعنى الدلالة بنفسه ان يكون العلم بالتعيين كافيا في فهم المعنى عند اطلاق اللفظ وهذا شامل للحرف أيضا لأنا نفهم معاني الحروف عند اطلاقها بعد علمنا بأوضاعها الا ان معانيها ليست تامة في أنفسها بل تحتاج إلى الغير بخلاف الاسم والفعل.
نعم لا يكون هذا شاملا لوضع الحرف عند من يجعل معنى قولهم الحرف ما دل على معنى في غيره انه مشروط في دلالته على معناه الأفرادي ذكر متعلقه (فخرج المجاز) عن أن يكون موضوعا بالنسبة إلى معناه المجازي (لان دلالته) على ذلك المعنى انما تكون (بقرينة) لا بنفسه (دون المشترك) فإنه لم يخرج لأنه قد عين للدلالة على كل من المعنيين بنفسه وعدم فهم أحد المعنيين بالتعيين لعارض الاشتراك لا ينافي ذلك فالقرء مثلا عين مرة للدلالة على الطهر بنفسه ومرة آخر للدلالة على الحيض بنفسه فيكون موضوعا بالتعيين.
وفى كثير من النسخ بدل قوله دون المشترك دون الكناية وهو سهو لأنه ان أريد ان الكناية بالنسبة إلى معناها الأصلي موضوعة فكذا المجاز ضرورة ان الأسد في قولنا رأيت أسدا يرمى موضوع للحيوان المفترس وان لم يستعمل فيه وان أريد انها موضوعة بالنسبة إلى معنى الكناية أعني لازم المعنى الأصلي ففساده ظاهر لأنه لا يدل عليه بنفسه بل بواسطة القرينة.
لا يقال معنى قوله بنفسه أي من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له أو من غير قرينة لفظية فعلى هذا يخرج من الوضع المجاز دون الكناية.
لأنا نقول اخذ الموضوع في تعريف الوضع فاسد للزوم الدور وكذا حصر القرينة في اللفظي لان المجاز قد يكون قرينة فيه معنوية لا يقال معنى الكلام انه
(٢١٦)
مفاتيح البحث: السهو (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»