مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٩٢
جهل يجعل صاحبها كمن يمشى في الظلمة فلا يهتدى إلى الطريق ولا يأمن من أن ينال مكروها شبهت) أي البدعة وكل ما هو جهل (بها) أي بالظلمة (ولزم بطريق العكس) إذا أريد التشبيه (ان تشبه السنة وكل ما هو علم بالنور) لان السنة والعلم يقابل البدعة والجهل كما أن النور يقابل الظلمة.
(وشاع ذلك) ان كون السنة والعلم كالنور والبدعة والجهل كالظلمة (حتى تخيل ان الثاني) أي السنة وكل ما هو علم (مما له بياض واشراق نحو أتيتكم بالحنفية البيضاء والأول على خلاف ذلك) أي يخيل ان البدعة وكل ما هو جهل مما له سواد وإظلام (كقولك شاهد سواد الكفر من جبين فلان فصار) بسبب التخيل ان الثاني مما له بياض وإشراق والأول مما له سواد وإظلام (تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع كتشبيهها) أي النجوم (ببياض الشيب في سواد الشباب) أي أبيضه في أسوده (أو بالأنوار) أي الأزهار (مؤتلقة) بالقاف أي لامعة (بين النبات الشديدة الخضرة) حتى تضرب إلى السواد.
فهذا التأويل أعني تخييل ما ليس بمتلون متلونا ظهر اشتراك النجوم بين الدجى والسنن بين الابتداع في كون كل منهما شيئا ذا بياض بين شئ ذي سواد.
ولا يخفى ان قوله لاح بينهن ابتداع من باب القلب أي سنن لاحت بين الابتداع (فعلم) من وجوب اشتراك الطرفين في وجه التشبيه (فساد جعله) أي وجه الشبه (في قول القائل " النحو في الكلام كالملح في الطعام " كون القليل مصلحا والكثير مفسدا) لان المشبه أعني النحو لا يشترك في هذا المعنى (لان النحو لا يحتمل القلة والكثرة).
إذ لا يخفى ان المراد به ههنا رعاية قواعده واستعمال احكامه مثل رفع الفاعل ونصب المفعول وهذه ان وجدت في الكلام بكما لها صار صالحا لفهم المراد وان لم توجد بقى فاسدا ولم ينتفع به (بخلاف الملح) فإنه يحتمل القلة والكثرة بان يجعل في الطعام القدر الصالح منه أو أقل أو أكثر بل وجه الشبه هو الشبه هو الصلاح باعمالهما والفساد باهمالهما.
(وهو) أي وجه الشبه (اما غير خارج عن حقيقتهما) أي حقيقة الطرفين بان
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»