يعلم عادة بأنها اما للنازلين بهذا البيت أو لأهل المنزل على ابعد الاحتمالين في مثل هذه المنازل المعدة لنزول الحجاج وغيرهم وكيف كان فلا ينبغي التأمل في كون مورد النص من قبيل المال المجهول المالك الذي حكمه بمقتضى الأصل الذي قررناه في صدر الكلام حرمة التصرف فيه الا على الوجه المقرر في الشريعة وهو حفظه مع التعريف والفحص عن صاحبه ومع الياس عنه أما التصدق أو غير ذلك مما ذكر في محله كما يفصح عن ذلك امر الإمام عليه السلام بالتصدق بعد التعريف ولا ينافيه قصر التعريف على أهل المنزل فان في قوله عليه السلام لعلهم يعرفونها اشعارا بل دلالة على وجوب تعريف كل من يحتمل معرفته ممن يمكن السؤال عنه الا ان ما يوجد مدفونا في بيوت مكة لو لم يعرفه أهل المنزل الذي قد يراد منه الأعم من مالكه والاشخاص النازلين فيه معه ممن يعرفهم لحصل غالبا الياس عن الاطلاع على صاحبه فعليه حينئذ أما التصدق أو غير ذلك مما هو مدون في محله وقد يستدل أيضا لوجوب التعريف بالاجماع وقضية ذلك قصره على القدر المتيقن من مقعده وهو خصوص من انتقل الملك عنه إليه بلا واسطة إذ لم يتحقق الاجماع بالنسبة إلى من عداه لامكان ان يكون مراد المصنف وغيره ممن عبر كعبارته خصوص من ابتاع منه بلا واسطة بل هذا هو منصرف لفظه وحمل لفظ البايع الواقع في كلامهم على إرادة الجنس تأويل بلا داعى بعد فرض انحصار مدرك الحكم في الاجماع كما انا لو عولنا في ثبوته على الخبرين السابقين لكان مقتضاه ذلك الا ان يستشعر من الخبر الثاني وجوب تعريف كل من يحتمل ملكيته له بالتقريب المتقدم فلا يختص حينئذ بخصوص من جرى يده على الدار بل كل من أمكن ان يكون ذلك مملو كاله و ان كان أجنبيا الا ان ينفى وجوبه بالنسبة إلى من عداهم بالاجماع وكيف كان فالعمدة ما عرفت وملخصه بتقريب اخر اسلم من الخدشة ان مقتضى الأصل فيما جرت عليه يد الغير التي لم يعلم عدم احترامها شرعا حرمة التصرف فيه حتى يعلم انقطاع علاقته عنه وعدم اختصاصه به بالفعل كما في الآثار الباقية في البلاد الخربة من أهل الاعصار القديمة مما ليس لأحد علاقة اختصاص بها بحيث تعد عرفا مال بلا مالك ويعامل معها في العرف والعادة معاملة المباحات واما في مثل هذه الآثار فمقتضى الأصل وغيره مما تقدمت الإشارة إليه جواز التصرف فيه وتملكه بالحيازة فالكنز الذي يوجد تحت الأرض ان علم كونه من تلك الآثار ولم يتجدد عليه يد لم ينقطع علاقتها ولو بحكم الأصل هو من هذا القبيل يجوز تملكه بالحيازة سواء كان عليه اثر الاسلام أم لم يكن من غير فرق بين ان يجده في الأراضي الغير المملوكة لشخص خاص أو في ارضه التي ملكها بالاحياء أو الشراء أو غير ذلك بل وفي ملك الغير أيضا على أحد الاحتمالين الآتيين واما ان لم يعلم ذلك بان احتمل حدوثه أو حدوث يد مستقلة عليها في هذه الاعصار وكان في الأراضي المباحة ونحوها مما لا يد لاحد عليها بالفعل ولم يكن الكنز محفوفا بامارات الحدوث من حيث السكة ونحوها بحيث يعد عرفا من قبيل المال المجهول المالك فهو أيضا كذلك إذ لا يعتنى بشئ من الاحتمالين لدى العرف والعقلاء اما الأخير فواضح لمخالفته للأصل واما الأول فالأصل فيه وان كان معارضا بأصالة عدم حدوثه في الاعصار المتقدمة مع أنه لا يجدى في اثبات كونه من أهل الاعصار السابقة ممن انقطعت علاقته عنه كي يرفع اليد بواسطته عن استصحاب بقاء علاقة واضعه إذ لا اعتماد على الأصول المثبتة ولكن لأجل مخالفة هذا الاحتمال للظاهر حيث إن كونه مذخورا في مثل هذه الأراضي التي لا يد لاحد من أهل العصر عليها بالفعل امارة عدم اختصاصه بهم فلا يراه العرف بالفعل مملوكا لشخص بل يرونه بلا مالك ولا يعتنون بهذا الاحتمال وقد أشرنا إلى أن هذا هو الملاك في جواز حيازته بل هذا هو القدر المتيقن من الكنز الذي فهم اجمالا من الأدلة الشرعية جواز حيازته إذ قلما يوجد كنز لا يتطرق فيه هذا الاحتمال ولو بعيدا كما لا يخفى واما لو وجد في مكان تواردت عليه أيادي اشخاص خاصة محصورة فحاله بالنسبة إلى من عدى هذه الاشخاص ممن احتمل كونه ملكا له وكونه موضوعا في هذا المكان بوضعه كما عرفت من عدم اعتبار العرف والعقلاء باحتماله واما بالنسبة إلى هذه الاشخاص فلا يساعد العرف على الغاء احتمال حصوله بفعلهم بل ولا على الغاء احتمال حدوث استيلائهم عليه كي يرونه ما لا بلا مالك لان كونه كذلك موقوف على سلب اضافتهم عن هذه الاشخاص وهو مخالف لقواعد اليد لان مقتضاها الحكم بكون المال الموضوع في موضع ملكا لمالك بهذا الموضع ولو بضميمة ادعائه فلا يصح للأجنبي وضع يده عليه ما لم يعلم بانقطاعه عنهم فما في المدارك من أنه يمكن المناقشة في وجوب تعريفه لذي اليد السابقة إذا احتمل عدم جريان يده عليه لا صالة البراءة من هذا التكليف مضافا إلى اصالة عدم التقدم ضعيف لما أشرنا إليه غير مرة من أن مقتضى الأصل العلم بجريان يد عليه حرمة التصرف حتى يعلم انقطاع علاقتها عنه وأما إصالة عدم التقدم فهي مجدية فيما لو وقعت الخصومة بين صاحب الايادي المترتبة لا فيما إذا أراد الأجنبي ان يضع يده عليه فان عليه الحكم اجمالا بكونه ملكا لصاحب الايادي ولو بضميمة ادعائهم على الترتيب الذي تقتضيه قاعدة اليد كما تقدمت الإشارة إليه فتلخص مما ذكر انه يجب عليه ان يعرف البايع بل كل من جرت يده عليه في ما سبق فان عرفه فهو له وان جهله فهو للمشترى لما أشرنا إليه انفا من أن حاله حينئذ حال غيره مما يوجد في ارض مباحة وقد عرفت ان الأظهر صيرورته ملكا لو أجده وعليه الخمس والقول بكونه لقطة على تقدير ان يكون عليه اثر الاسلام من مكة ونحوها كما ربما يظهر من غير واحد بل لعله المشهور ضعيف واما لو وجده في ملك الغير فقال شيخنا المرتضى (ره) الظاهران حكمه بعد الاخذ كما تقدم فيما لو وجده فيما انتقل إليه بالبيع من وجوب تعريف المالك فإن لم يعرفه فهو له وربما يظهر ذلك من غيره أيضا وحكى عن الخلاف أنه قال إذا وجد ركازا في ملك مسلم أو ذمي فلا يتعرض له اجماعا انتهى وقد حمله شيخنا المرتضى (ره) على إرادة الحكم التكليفي المحض وقال وحينئذ فيمكن ان يكون ما ذكروه من الحكم بوجوب التعريف بعد حصوله بيد الواجد اما معصيته أو اتفاقا ولكنك خبير بان حمل كلام الشيخ المحكى عن الخلاف على إرادة محض التكليف بعيد عما ينسبق إلى الذهن من كلماتهم في نظائر المقام اللهم الا ان يكون في كلماته شواهد عليه أو يكون هو أيضا ممن ذكر الحكم بوجوب التعريف في المقام كي يكون شاهدا على التأويل والا فظاهر هذه العبارة المحكية عنه عدم جواز تملكه بمعنى عدم نفوذه مدعيا عليه الاجماع وكيف كان فلا شبهة في أنه يحرم عليه اخذه من مالك الغير ما لم يكن راضيا بتصرفه فيه كما أنه لا شبهة في أنه بعد الاخذ أيضا لا يجوز له تملكه من غير أن يعرف من وجده في يملكه وانه لو ادعاه يجب دفعه إليه وانما الاشكال في أنه يجب على الواجد دفعه إلى مالك الأرض مطلقا ما لم
(١٢٠)