في مال الغير الا عن طيب نفسه فقد تبدل الموضوع لان وصف المملوكية للغير من مقوماته وقد انتفى في الفرض بشهادة العرف واحتمال عروض ملكية جديدة مقتضية لحرمة التصرف فيه منفى بالأصل هذا مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه من شهادة السيرة وقضاء الأدلة بالجواز وفي خصوص الكنز أيضا الصحيحتين المتقدمتين فلا ينبغي الاستشكال في أن من وجد كنزا هو من هذا القبيل كما هو منصرف كلمات الأصحاب والاخبار سواء كان في ارض الكفار والمسلمين مما ليس له مالك مخصوص عدى الإمام عليه السلام ولو مع العلم بجريان يد مسلم عليه في الاعصار القديمة فضلا عما لو كان عليه مجرد اثر الاسلام الذي هو أعم من ذلك يملكه الواجد ويخرج خمسه وكذا لو وجده في ارض مملوكة له باحياء ونحوه كما هو واضح واما لو وجده في ملك له مبتاع مثلا إلى منتقل إليه من غيره ببيع ونحوه ففي محكى المنتهى والتذكرة و المسالك وغيرها عرفه البايع فان عرفه فهو أحق به والا فالمالك الذي قبله وهكذا بل في الجواهر لا أجد فيه خلافا بيننا واستدل عليه في محكيى المنتهى تارة بان يد المالك الأول على الدار يد على ما فيها واليد قاضية بالملك وأخرى بوجوب الحكم له لو ادعاه اجماعا قضاء لظاهر يده ونوقش فيه بأنه لو تم لدل كصحيحي محمد بن مسلم السابقتين على كونه له من غير تعريف بل وجب الحكم به ولو لم يكن قابلا للادعاء كالصبي والمجنون والميت فيدفع إلى ورثته ان عرفوا والا فإلى الإمام عليه السلام مع أنهم لا يقولون به ويمكن دفعه بان هذا النحو من اليد التبعية الغير المستقلة لا يتم ظهورها في الملكية لصاحب اليد الا بضميمة الادعاء خصوصا مع ظهور فعله وهو نقل الدار في عدم اطلاعه بما هو مدفون فيه وليس اعتبار اليد تعبديا محضا كي يقال إنها ان كانت معتبرة فمقتضاها ما ذكروا لا فلا عبرة بها بل عمدة مستندها بناء العقلاء وامضاء الشارع على حسب ما جرت سيرتهم عليه وهم لا يرون لليد السابقة الغير الباقية بالفعل بالنسبة إلى مثل هذه الأموال التي لم يحرز استيلاء صاحب اليد عليها الا بمحض حصولها في ملكه وسلطنته عليها بالتبع لا على سبيل الاستقلال خصوصا مع ظهور فعله فيما ينافي ملكيته لها اعتبارا أزيد من قبول ادعائه للملكية وتقديم قوله على قول خصمه في مقام التداعي وعدم جواز التعويل على اصالة عدم مملوكيتها له الملحقة لها بالمباحات الأصلية واللقطة أو مجهول المالك على الخلاف الآتي الا بعد الفحص والسؤال عنه هذا مع أن الالتزام بوجوب الحكم بكونه له من غير تعريف إلى اخر ما ذكر امر هين ولم يعلم عدم التزامهم به فان مرادهم بوجوب تعريف المالك الوجوب الشرطي أي اشتراط جواز تملكه أو غير ذلك مما ذكروه به ولا ينافيه حكمهم بأنه ان لم يعرفه المالك فهو لو أجده أو لقطة أو غير ذلك فإنه جار مجرى العادة من الملازمة بين جهلهم به وعدم كونه ملكا لهم في العادة وفرض ثبوت المالك وانتقاله إلى ورثته الذين يمكن جهلهم به عادة خارج عن منصرف كلماتهم وكيف كان فالالتزام بما ذكر ليس بمستنكر كي يناقش في الدليل المزبور بذلك ولذا قال في الجواهر بعدان استدل بهذا الدليل للمدعى بل قد يدعى انه محكوم بملكيته له ما لم ينفه عن نفسه من غير حاجة إلى دعواه إياه كما عساه يؤمى إليه صحيحتا ابن مسلم السابقتان انتهى وان كان الأظهر خلافه لما أشرنا إليه من عدم مساعدة الأدلة على اعتبار مثل هذه اليد في أزيد مما ذكر نعم قد يتجه الحكم بكونه مملوكا لصاحب اليد ما لم ينفه عن نفسه فيما لو كانت يده فعلية كما لو وجده في دار الغير فان الأظهر وجوب دفعه إليه ما لم ينفه عن نفسه بل وان نفاه أيضا ما لم يعرف له مالك غيره بالفعل على أحد الوجهين الآتيين في مسألة ما لو وجد كنزا في ملك الغير وصحيحتا محمد بن مسلم السابقتان انما وردتا في هذا الفرض حيث قال عليه السلام في إحديهما ان كانت أي الدار التي وجد فيها الورق معمورة فيها أهلها فهي لهم الحديث وفي الأخرى ان كانت معمورة فهي لأهلها الحديث فالاستيناس بهما لما نحن فيه فضلا عن الاستشهاد بهما له في غير محله وسنشير إلى ما يصلح فارقا بين المقامين في المسألة الآتية إنشاء الله تعالى وقد يناقش في اقتضاء الدليل المزبور الترتيب المذكور للتعريف بالنسبة إلى الايادي السابقة نظرا إلى تساوى الجميع في عدم اليد لهم وقت التعريف كمساواتهم فيها قبله وقرب زمان يد أحدهم من يد المعرف لا يقتضى ترجيحه على غيره ويدفعه ان قضية اعتبار اليد هو ترجيح اليد السابقة على القديمة وكون حال كل يد بالنسبة إلى سابقتها حال الأصل بالنسبة إلى الدليل ومن هنا يتجه تقديم قوله في مقام التداعي وسره ان من كان يده على شئ بالفعل مهما الغى يده ونفى عن نفسه ملكية ذلك الشئ فقد أحيى يد من تلقاه منه وجعل يده بمنزلة إدامة تلك اليد كما لو أقر بان استيلائه على بعض الدار التي تلقاه من زيد وهو من عمرو وهو من خالد أو جميعها ليس عن استحقاق فإنه يحكم كونه بالفعل لزيد كما أنه لو اعترف زيد أيضا بذلك يحكم بكونه لعمرو وهكذا كما لا يخفى واستدل شيخنا المرتضى (ره) لوجوب تعريف البايع بعدان نفى الخلاف عنه ظاهرا بما دل على وجوب تعريف ما وجد في بعض بيوت مكة وما وجد في جوف الدابة وهو موثقة إسحاق بن عمار الواردة في الأول قال سئلت إبراهيم أبا عليه السلام عن رجل نزل بعض بيوت مكة فوجد نحوا من سبعين درهما مدفونة فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال يسئل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها قلت فإن لم يعرفوها قال يتصدق بها وصحيحة عبد الله بن جعفر الواردة في الثاني قال كتبت إلى الرجل عليه السلام اسئله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة دراهم أو دنانير أو جواهر لمن يكون ذلك فوقع عليه السلام عرفها البايع فإن لم يكن يعرفها فالشئ لك رزقك الله إياه وفيه ما أشرنا إليه من أن موضوع البحث في هذا المقام على ما ينصرف إليه اطلاق النصوص والفتاوى ويومى إليه تفصيلهم بين ما لو كان عليه اثر الاسلام وعدمه انما هو الكنوز التي توجد تحت الأرض مما لا يرى العرف اختصاصه بشخص بل يقال لها مال بلا مالك فالخبران أجنبيان عما نحن فيه فان موردهما من قبيل مجهول المالك اما الأخير فواضح ضرورة عدم الفرق في ذلك بين ما لو وجد الصرة في جوف الدابة أو في حلقها أو على ظهرها أو في الأرض في كونها في العرف قال لا يعرف صاحبه فحكمه لولا النص الخاص وجوب التعريف مطلقا كنظائره ثم التصدق أو التملك بشرط الضمان أو غير ذلك مما فصل في محله ولكن نلتزم في مورد النص بمفاده للنص واما الأول فكذلك ضرورة ان الدراهم التي يجدها النازل ببعض بيوت مكة في أوقات الحج ونحوها ليست بحسب العادة من قبيل الكنز الذي هو محل الكلام فان العادة قاضية بان مثل هذا الشخص لا يفحص عن عروق الأرض ومواضعها التي يمكن ان يوجد فيها مثل هذا الكنز بل يجدها مدفونة في زاوية البيت ونحوها من المواضع التي
(١١٩)