لا يصدق وبعبارة أخرى ان لفظ المثل من الألفاظ المبهمة المحتاجة إلى التمييز فقوله ما يجب في مثله الزكاة اما ان يراد منه مثله عينا أو في الجملة أي مماثله اما من احدى الجهتين أو مطلقا أي من كلتا الجهتين واما ارادته عينا في بعض مصاديق الكنز قيمة في بعضها الاخر كما هو مال الاستظهار المزبور فهو استعمال للفظ المثل في معينين اللهم الا ان يكون الكلام في مقام الابهام والاجمال بان يكون المقصود بيان انه يجب الخمس في الكنز الذي يجب الزكاة في شئ من أمثاله الأعم من الحقيقية والحكمية على سبيل الاجمال فلا ينافيه حينئذ التفصيل في المصاديق ولا يلزم منه استعمال اللفظ في معنيين ولكن ينافيه الاستظهار المزبور كما لا يخفى وغاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستظهار المزبور هو ان المثل مطلق شامل للحقيقي والحكمي بمعنى انه استعمل لفظ المثل في مطلق ما يشابهه ولو من جهة المالية ولكن الانصراف إلى الحقيقي في الدينار والدرهم والحكمي فيما عداهما ينشأ من قبل الحكم أعني وجوب الزكاة فيه فإنه يكشف عن أن المراد بالمثل هو مثله الذي يتعلق به الزكاة فينحصر مصداقه فيما عدى الدينار والدرهم في المثل الحكمي وهو قيمته واما في الدينار والدرهم حيث يتعلق الزكاة بمثله الحقيقي لا يقدر الذهن له مثلا اعتباريا أي لا يلتفت إلى مثله الاعتبار كي يفهم ارادته من الاطلاق وفيه ان المناسبة بين الحكم والموضوع كاشفة عن أن المراد بالمثل في كل مورد هي مصاديقه القابلة لان يتعلق بها الزكاة لا ما ينصرف إلى الذهن من مفهوم المثل المقيد بقبوله للزكوة توضيحه انه فرق بين ما لو قال ما يجب الزكاة في مثله القابل لان يتعلق به الزكاة سواء كان حقيقيا أو حكميا ففيه الخمس أو قال ما يجب الزكاة في مثله حقيقيا كان أو حكمها ففيه الخمس فإنه لا يبعد في الأول دعوى انصرافه عن المثل الاعتباري فيما كان له مثل حقيقي بالتقريب المزبور واما في الثاني فلا فإنه وان لم يكن المراد منه أيضا في الواقع الا مصاديقه القابلة لان يتعلق به الزكاة ولكن هذا التقييد انما هو من قبل العقل الحاكم بعدم معقولية إرادة الافراد الغير المقابلة حكم فلا يعقل فيه الانصراف بعد فرض كون الحكم معلقا على طبيعة مرسلة فالانصاف ان الاستظهار المزبور بعد فرض إرادة القيمة من مثله في غير محله اللهم الا ان يقال إن المراد بمثله ليس قيمته كي يتمسك باطلاقه فإنه تأويل بعيد بل المراد به مثله حقيقة ولكن وجوب الزكاة فيه مبنى على التوسع وتنزيل ما لا يتعلق بعينه الزكاة منزلة قيمته التي يتعلق بها الزكاة التفاتا إلى مقدار ماليته التي هي عمدة ما يتعلق به العرض في أمثال المقام فليتأمل ثم لو سلم ان المراد بالمثل هو خصوص المثل الاعتباري اعني القيمة فقد يغلب على الظن ان المقصود به ليس مطلقه سواء كان من جنس الدينار أو الدرهم بل خصوص الدينار لما أشرنا إليه انفا من أن المظنون انه لم يرد بالمثل في هذه الصحيحة الا ما أريد منه في صحيحته الواردة في المعدن التي هي كالنص في ذلك فيتجه حينئذ ما يظهر من المتن وغيره من أنه انما يجب الخمس فيه ان بلغ عشرين دينارا بحسب القيمة من أي جنس يكون كما في المعدن الا ان التعويل على مثل هذا الظن الناشئ من الحدس والتخمين في صرف النص عن ظاهره مشكل فالأظهر ثبوت الخمس فيه إذا كان من غير النقدين ببلوغ قيمته نصاب أحدهما مطلقا لاطلاق النص واما في النقدين فببلوغ كل منهما نصابه دون نصاب الاخر لما فرعت من تطرق احتمالات في النص مقتضية لهذا التفصيل فالأصل براءة الذمة عن الخمس عند عدم بلوغه نصابه وان بلغ قيمته نصاب الاخر بخلاف العكس فان اطلاق النص حينئذ يقتضى ثبوته سواء أريد بالمثل الحقيقي كما هو مال سائر الاحتمالات أو المثل الاعتباري اعني القيمة والله العالم ثم إن وظيفة هذا الباب انما هو بيان تعلق الخمس بالكنز المفروغ عن تملك الواجد له كما في نظائر ولكن جرت عادة الأصحاب على شرح موضوعه أي بيان ما يملكه الواجد منه وما لا يملكه في هذا الباب وتفصيل القول فيه ان الكنز اما ان يكون في دار الحرب أو دار الاسلام وعلى التقديرين اما ان يكون عليه اثر الاسلام أم لا فإن كان في ارض دار الحرب سواء كان عليه اثر الاسلام أم لم يكن وسواء كانت الأرض ملكا لواحد خاص منهم أم لا أو في دار الاسلام وليس عليه اثره وكانت الأرض مباحة أو مملوكة للإمام عليه السلام أو لقاطبة المسلمين فهو لو أجده ووجب عليه فيه الخمس بلا خلاف فيهما على الظاهر بل عن جماعة من الأصحاب التصريح في الأول بان الأصحاب قطعوا به وعن الخلاف نفى الخلاف فيه وعن ظاهر الغنيمة الاجماع عليه واستظهر غير واحد عدم الخلاف فيه في القسم الثاني أيضا لأصالة عدم جريان يد محترمة عليه فيجوز تملكه بحكم قوله عليه السلام من سبق إلى من لم يسبق إليه مسلم فهو له وغير ذلك من أدلة حيازة المباحات واحتمال تبعية ما يوجد في ارض المسلمين لملكهم في عدم جواز تملكه كنفس الأرض قد عرفت ضعفه في المعدن ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك بعض الأخبار الآتية وان وجده في دار الاسلام وكان عليه اثره فعن الفاضلين والشهيدين وغيرهم بل عن بعض نسبته إلى أكثر المتأخرين وعن جامع المقاصد انه الأشهر انه لقطة لأصالة عدم التملك بمجرد الوجدان وبقائه على ملك مالكه ولأنه مال ضايع في دار الاسلام عليه اثر الاسلام فيكون لقطة كغيره مما يوجد في بلد المسلمين مما جرى عليه يد مسلم ولو بحكم الغلبة ولان اشتماله على يأثر الاسلام مع كونه في دار الاسلام امارة قوية على كونه ملكا لمسلم فلا يحل التصرف فيه كسائر ما يوجد في بلدهم ولموثقة محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال قضى علي عليه السلام في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها وأجيب عن الأصول باندفاعها بأصالة عدم جريان يد محترمة عليه فيجوز تملكه كما فيما يوجد في دار الحرب ووجود اثر الاسلام مع كونه في دار الاسلام لا يوجبان العلم بكونه لمسلم بل غايتهما الظن بذلك فلا يعول عليه في مقابل الأصول المعتبرة كما لا يعول على الظن الحاصل من أحدهما اتفاقا واعتضاد أحد الامارتين بالأخرى لدى الاجتماع غير مجد بعد ان لم يدل دليل على اعتبارهما ودعوى كونه لقطة مدفوعة بعدم صدقها على المكنوز قصدا وعن الموثقة بحملها تارة على الخربة المعروفة المالك فالمراد تعريف الورق مالك الخربة وأخرى بحملها على الورق الغير المكنوز وثالثة بأنها قضية في واقعة و نوقش في الأخير بان محمد بن قيس له كتاب عن الباقر عليه السلام في نقل قضايا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وظاهره إرادة بيان الحكم لا مجرد حكاية وفي الأولين بما فيهما من البعد والانصاف ان حملها على إرادة تعريف مالك الخربة عند معروفيته ولو على سبيل الاجمال غير بعيد بل لا ينسبق إلى الذهن من الامر بتعريف الكنز الذي يوجد في الخربة الا إرادة تعريف ساكنيها دون الأجانب هذا مع معارضة الموثقة بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الدار يوجده
(١١٧)