تغزو أهله ومن ناوأهم، حتى ملك كسرى أنو شروان، فأغارت إياد على نساء من نساء فارس، فأخذوهن، فغزاهم أنو شروان، فقتل منهم، ونفاهم عن أرض العراق، فنزل بعضهم تكريت، وبعضهم الجزيرة وأرض الموصل كلها، فبعث أنو شروان ناسا من بكر بن وائل مع الفرس، فنفوهم عن تكريت والموصل، إلى قرية يقال لها الحرجية (1)، بينها وبين الحصنين فرسخان أو ثلاثة، فالتقوا بها، فهزمتهم الفرس، وقتلتهم (2)، وقبور إياد بها إلى اليوم، فساروا حتى نزلوا بقرى من أرض الروم، وسار بعضهم إلى حمص وأطراف الشام. وكان الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، فيمن سار إليهم من بكر بن وائل مع الأعاجم، فأجار ناسا من إياد، وكان أبو دواد الأيادي فيمن أجار وأكرم، فضربت العرب المثل به، فقالوا: " جار كجار أبي دواد "، يعنون الحارث بن همام (3).
وقال: هشام: حدثني أبو زهير بن عبد الرحمن بن مغراء (4) الدوسي، عن رجل منهم كان عالما، قال: كان عند كسرى بن هرمز رهن من إياد وغير إياد من العرب، وكان كسرى يضع الدرية لا ساورته، فيرمونها، فيوالون فيها بالنشاب، فقال رجل من الرهن الذين من إياد: لو أنزلني الملك رميت مثل رميهم. فأخبر بذلك كسرى، فأمر به فأنزل، فرمى، فأجاد الرمي. فقال له: أفي قومك من يرمى رميك؟ قال: كلهم يرمى رميي. قال فأتني منهم