معجم ما استعجم - البكري الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٦٨
على إخوتهم، حتى كان الرجل يضع قوسه على باب المضري أو الربعي، فيكون أحق بما فيه. فيزعمون - والله أعلم - أنهم سمعوا مناديا في جوف الليل، على رأس جبل، وهو يقول:
" يا معشر إياد، اظعنوا في البلاد، لمضر الانجاد، قد عثتم (1) في الفساد، فحلوا بأرض سنداد، فليس إلى تهامة من معاد ". ورماهم الله بقرح - وقال ابن شبة: بداء - يقال له النخاع (2)، فكان يموت منهم في اليوم والليلة المئة والمئتان، فقال رجل صالح منهم: يا معشر إياد، إنما رماكم الله بما ترون لبغيكم على بني أبيكم، فاشخصوا عن هذه البلاد، فقد أمرتم بذلك، لا يصيبكم الله بعذاب.
قال ابن الكلبي: وحدثني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: أخرج الله إيادا من تهامة بالشمال، وبعثه الله على نعمهم الجدب حتى إذا أرمت (3) هبت الشمال، فاستقبلتها النعم، فخرج بها من تهامة. ولذلك يقول أمية بن أبي الصلت:
آباؤنا دمنوا (4) تهامة في * الدهر وسالت بجيشهم إضم قومي إياد لو أنهم أمم * أو لو أقاموا فتجزر النعم * جدي قسى إذا انتسبت * ومنصور بحق ويقدم القدم

(1) في ج: " عشتم " (2) لم أجد في المعاجم ذكرا لهذا اللفظ بمعنى الداء. وإنما النخاع: حبل العصب المنحدر من الدماغ في فقار الظهر، وتتشعب منه شعب في الجسم، ولعلهم أصيبوا فيه، فمات منهم من مات، فهو مجاز من تسمية الشئ باسم محله.
(3) يقال: أرم العظم: إذا بلى من الهزال. وأرم أيضا: إذا جرى فيه المخ بعد الهزال. والظاهر أنها بالمعنى الأول. يريد أن النعم أصابها الجدب أولا حتى بليت عظامها، ثم أصابتها ريح الشمال.
(4) أي سودوا تهامة وأثرت فيها ماشيتهم ببعرها.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست