على إخوتهم، حتى كان الرجل يضع قوسه على باب المضري أو الربعي، فيكون أحق بما فيه. فيزعمون - والله أعلم - أنهم سمعوا مناديا في جوف الليل، على رأس جبل، وهو يقول:
" يا معشر إياد، اظعنوا في البلاد، لمضر الانجاد، قد عثتم (1) في الفساد، فحلوا بأرض سنداد، فليس إلى تهامة من معاد ". ورماهم الله بقرح - وقال ابن شبة: بداء - يقال له النخاع (2)، فكان يموت منهم في اليوم والليلة المئة والمئتان، فقال رجل صالح منهم: يا معشر إياد، إنما رماكم الله بما ترون لبغيكم على بني أبيكم، فاشخصوا عن هذه البلاد، فقد أمرتم بذلك، لا يصيبكم الله بعذاب.
قال ابن الكلبي: وحدثني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: أخرج الله إيادا من تهامة بالشمال، وبعثه الله على نعمهم الجدب حتى إذا أرمت (3) هبت الشمال، فاستقبلتها النعم، فخرج بها من تهامة. ولذلك يقول أمية بن أبي الصلت:
آباؤنا دمنوا (4) تهامة في * الدهر وسالت بجيشهم إضم قومي إياد لو أنهم أمم * أو لو أقاموا فتجزر النعم * جدي قسى إذا انتسبت * ومنصور بحق ويقدم القدم