معجم ما استعجم - البكري الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن * تحملن من وادي العناق فثهمد * قال أبو حاتم عن رجاله: العناق: بالحمى أيضا لغنى.
الثاء والواو * ثور * بفتح أوله، وبالراء المهملة: وهو ثور أطحل، وبالطاء والحاء المهملتين، وهو جبل بمكة، الذي فيه غار النبي صلى الله عليه وسلم. وروى البخاري من طريق عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: لحق رسول الله وأبو بكر بغار في جبل ثور. وقال الكميت بن زيد:
ومرسي ثبير والأباطح كلها * بحيث التقت أعلام ثور ولو بها * وروى الحربي، من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي، قال:
حرم النبي صلى الله عليه وسلم ما بين عير إلى ثور. قال وثور: الجبل الذي فيه غار النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشد عمرو عن أبيه:
ومرسي حراء والأباطح كلها * بحيث التقت أعلام ثور ولو بها * وقال مصعب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بالمدينة (1)، وليس في المدينة ثور (2) ولا عير، فالله أعلم بمعناه (3).

(١) في ج: من المدينة، وهو تحريف.
(٢) في ج: لا ثور.
(٣) تلخص أقوال العلماء في ثور فيما يأتي:
(ا) قال ابن الأثير في كتابه النهاية: وفيه (يعنى الحديث) أنه حرم المدينة ما بين عير إلى ثور. هما جبلان; أما عير فجبل معروف بالمدينة; وأما ثور فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغاز الذي بات به النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر. وفى رواية قليلة: ما بين عبر واحد; وأحد: بالمدينة. فيكون ثور غلطا من الراوي وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر.
وقيل إن عيرا جبل بمكة; ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة; أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف، ووصف المصدر المحذوف.
(ب) وقال ياقوت في المعجم: قال أبو عبيد: أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور، وإنما ثور بمكة. قال فيرى أهل الحديث أنه حرم ما بين عير إلى أحد.
وقال غيره: (إلى): بمعنى (مع). كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم.
وقد ترك بعض الرواة: من عير إلى كدى. وفى رواية ابن سلام: من عير إلى أحد; والأول أشهر وأشد. وقد قيل إن بمكة أيضا جبلا اسمه عير، ويشهد بذلك بيت أبى طالب:
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وعير وراق في حراء ونازل * فإنه ذكر جبال مكة وذكر فيها عيرا; فيكون المعنى أن حرم المدينة مقدار ما بين عير إلى ثور اللذين بمكة; أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه، ووصف المصدر المحذوف.
قال:: ولا يجوز أن يعتقد أنه حرمه ما بين عير، الجبل الذي بالمدينة، وثور الجبل الذي بمكة، فإن ذلك بالاجماع مباح.
(ج) وفى القاموس وشرحه للعلامتين الفيروزآبادي والزبيدي ما نصه:
وثور أيضا: جبل صغير، إلى الحمرة بتدوير، بالمدينة المشرفة، خلف أحد من جهة الشمال. قاله السيوطي في كتاب الحج من التوشيح. قال شيخنا: ومال إلى ترجيحه بأزيد من ذلك في حاشيته على الترمذي. ومنه الحديث الصحيح:
المدينة حرم ما بين عير إلى ثور; وهما جبلان.
وأما قول أبى عبيد القاسم بن سلام، بالتخفيف، وغيره من الأكابر الاعلام: إن هذا تصحيف، والصواب: من عير إلى أحد، لان ثورا إنما هو بمكة.
وقال ابن الأثير (وذكر القول المذكور آنفا) فغير جيد. هو جواب وأما الخ ثم شرع المصنف في بيان علة رده وكونه غير جيد، فقال: " لما أخبرني الامام المحدث الشجاع أبو حفص عمر البعلي، الشيخ الزاهد، عن الامام المحدث الحافظ، أبى محمد عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري الحنبلي، ما نصه:
إن حذاء أحد، جانحا إلى ورائه، من جهة الشمال، جبلا صغيرا، مدورا إلى حمرة، يقال له: ثور، وقد تكرر سؤالي عنه طوائف مختلفة من العرب العارفين بتلك الأرض، المجاورين بالسكنى، فكل أخبرني أن اسمه ثور، لا غير. ووجدت بخط بعض المحدثين قال: وجدت بخط العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل بن بركات الحنبلي، حاشية على كتاب معالم السنن للخطابي، ما صورته:
ثور: جبل صغير خلف أحد; لكنه نسى، فلم يعرفه إلا آحاد الاعراب ' بدليل ما حدثني الشيخ الامام العالم عفيف الدين عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري الحنبلي، وكان مجاورا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فوق الأربعين سنة، قال:
كنت إذا ركبت مع العرب أسألهم عما أمر به من الأمكنة، فمررت راكبا مع قوم من بني هيثم، فسألتهم عن جبل خلف أحد: ما يقال لهذا الجبل؟ فقالوا: يقال له ثور. فقلت: من أين لكم هذا؟ فقالوا: من عهد آبائنا وأجدادنا. فنزلت وصليت عنده ركعتين، شكرا لله تعالى ".
ثم ذكر العلة الثانية فقال: (ولما كتب إلى الامام المحدث الشيخ عفيف الدين أبو محمد عبد الله المطري المدني، نقلا عن والده الحافظ الثقة، أبى عبد الله المطري الخزرجي الأنصاري. قال: إن خلف أحد، عن شماليه، جبلا صغيرا مدورا إلى الحمرة، يسمى ثورا، يعرفه أهل المدينة خلفا عن سلف.
قال ملا على في الناموس: لو صح نقل الخلف عن السلف، لما وقع الخلف بين الخلف.
قلت: والجواب عن هذا يعرف بأدنى تأمل في الكلام السابق. اه‍.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 350 351 352 » »»
الفهرست