وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٠
قال الثعلبي في تفسير قوله تعالى: (والسابقون الأولون) (1) فلم يزل علي مع رسول الله (ص) حتى بعثه نبيا، فاتبعه علي وآمن به وصدقه، ونزل جبرائيل يوما على النبي وهو بأعلى مكة فغمز جبرائيل بعقبة وانفجر الماء فتوضأ النبي (ص) وصلى الظهر، واتبعه عليا في تلك الصلاة، وهي أول صلاة فرضها الله عز وجل، ثم نزلت الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (2).
روى الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله بني عبد المطلب، وقال: إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل، وجئتكم بما لم يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلموا، أو سلموا وأطيعوا، فمن يؤاخيني ويؤازرني، ويكون لي وليي ووارثي ووصيي بعدي، وخليفتي وقاضي ديني؟ فسكتوا، وأعاد القول ثلاثا، ولم يقل غير علي بن أبي طالب (ع) أنا، فقال رسول الله (ص): أنت أنت، قال: فقاموا وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك، ولما مات أبي طالب، كثر منهم الأذى إلى رسول الله، وأمير المؤمنين يتحمل عنه مكان أبيه، ويكابد الأذى والمشقة فيه، حتى أذن الله لنبيه بالمهاجرة إلى يثرب ويخلف عليا لأداء الديون، ورد الودائع، وكفالة النساء ليخرج بهن إليه، وأمره الله أن يبيته على فراشه ليخفي خروج رسول الله على قريش، فيفرط عليهم ما دبروه في هلاكه ومكروه في قتله، فأخبر عليا بذلك فانسر سرورا عظيما، وسجد لله شكرا، فقال له علي بن أبي طالب: امض فيما أمرت به فإني لله ولك مطيع، فداك أبي وأمي ونفسي، فخرج رسول الله قاصدا إلى المدينة، وبات أمير المؤمنين على فراش رسول الله فاديا له بنفسه، وأوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فمن منكما يؤثر أخاه بالحياة، فاختار كل واحد منهما الحياة لنفسه، فقال: الله تعالى: ألا كنتما

(1) سورة التوبة، الآية: 100.
(2) سورة الشعراء، الآية: 214.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست