وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٨
استطرفته، وعقدتهما مع ما استحسنته، ولا أدعي البراءة من الغيب، وتحصنت بالله عن أرجاف المراء وجنود الريب، على كلام مختصر رقيق، وأسلوب مستحسن أنيق، مسترقا من الله نفسي الامارة من الرياء والاعجاب، مسترفقا توفيقه في سلوك الحق والصواب، سائلا منه أن يجعله مدخرا ليوم الحساب، منتظرا به الشفاعة يوم المآل، ملتزما بعض ما التزمه المؤلف الأول، معولا على ما نقله وربما عليه المعول فقد أغير في الشعر، وقد أحذف منه وربما أذكر بعض الرواية في سلك مناسبته، بم يعن لي ذكر بعضها الآخر مع ما ينتظم به فلا يعجل باللوم علي عجول، ولا يبتدر في الاعابة إلي ملول، وليسدد أخ ناصح كريم، ويستر الهفوة مني لامح حليم، فإنني بالقصور معذور، على أن لا يسقط الميسور بالمعسور، فها أنا أقول وبالله التوفيق ومنه نيل المأمول.
سبق (صلوات الله وسلامه عليه) فخرا فجل أن يسابق، ولحق من تقدمه فضلا وأنى يلاحق، حتى غرس في قلوب أبت الهدى غرائس الأضغان، وغرس نفوسهم بمحمود سعيه غرائس الأشجان، فأنتجت له نتائج الحسد والعدوان، ولم تأخذه في الله لومة لائم، جانب النصف ومتع نفسه الزكية في الله بالتلف، وشغف بالقرب منه غاية الشغف، فاستوطن قباب الا خطار، واستأجن شرب الراحة والاصدار، فلذلك التهب نفس كل حاسد بما أخفاه، وحاقد بسالف من الكفر أرداه، فدعوه عن رتبته ودفعوه عن منزلته، ومنعوه من بلغته، وبالغوه في أذيته، لكنه لحظ الاسلام بطرف الرحمة والألطاف وبسط له أنماطا للشفقة والأعطاف، ولم يجعل للدنيا في حماه منصبا، ولا خالط زلال مطلبه من أجاجها مشربا، فسالم في الله راغما جد معطسه (1)، واستبق الاسلام بانقياده وقد اتشح من الشرف جميل ملبسه، إذ كانت الدنيا لديه كقلامة ظفر، هانت عليه كما قال رسول الله (ص): يا علي إن الله زينك بزينة لم يزين

(1) المعطس: الانف.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست