مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين ابن عمه محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه، اهبطا إليه واحرساه من عدوه. فهبطا إليه وجلس جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وجبرائيل يمسح عليه بجناحيه ويقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب من مثلك، وقد باهى الله بك الملائكة، فنزل قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) (1) وأحاط القوم ببيت رسول الله، يقذفوه بالحجارة ليخرج إليهم رسول الله (ص) ليقتلوه، غير شاكين أنه على فراشه، فلما قرب الصبح انتضوا أسيافهم وهجموا عليه، فخرج لهم أمير المؤمنين، فتفرقوا عنه، ثم تهيأ للخروج للمدينة، بعد رد الودائع وأداء الديون.
فلما وصل (ع) المدينة، استقبله رسول الله (ص) وضمه إلى صدره، وقبله وهو يقول: من مثلك يا أبا الحسن، وقد وفيت بعهد الله وأنجزت وصية رسول الله، ووقيته بنفسك، أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
ولله در من قال:
[والله ما يهواك إلا مؤمن * بر ولا يقلوه إلا ملحد] [صهر النبي ونفسه وأمينه * ووليه المتعطف المتودد] [فالدين والاشراك لولا سيفه * ما قام ذا شرفا وهذا يقعد] [من لم يدر وجها إلى صنم ولا * للات والعزى قديما يسجد] [ومبيته فوق الفراش مجاهدا * بمهاد خير المرسلين يمهد] [رجلا يتيه به الفخار مفاخرا * ويسود إذا يعزا إليه السؤدد] قال: وكان منطقه وتاجه، وبه أظهر الله كواكبه، وأمد سراجه، حتى غدا غسق ليله فلقا من صباحه، وعاد من هشيم مرتعه يقهقه بوروده واقاحه، فلو تفكروا بعقول فارغة ممن شواغل الحسد والأضغان، لعلموا مكان هذه الفدية