أحد من أهل المدينة ومكة وسائر المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه، فكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان ابن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشم قريش أو مهاجري أو أنصاري، فيصله من المال بخمسة آلاف درهم وما فوقها وما دونها إلى ما فوق مقامه على قدر شرفه وهجرة آبائه فبينما أنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه والأمين والمؤتمن، وسائر القواد فقال: احفظوا على أنفسكم ثم قال لصاحب الاذن ائذن له ولا ينزل إلا على بساطي، فبينما أنا كذلك إذ دخل علينا شيخ قد أنهكته العبادة كأنه شن بال وقد أكل السجود وجهه وأنفه، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا تنزل إلا على بساطي، فمنعه الحجاب عن الترجل فنظرنا إليه بأجمعنا بالاجلال والاعظام فما زال يسير على حماره حتى صار على البساط والحجاب محدقون به، فلما نزل قام الرشيد فاستقبله إلى آخر البساط فقبل وجهه وعينيه وأخذ بيده وصيره إلى صدر المجلس وجلس معه وجعل يقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله، ثم قال: يا أبا الحسن كم عليك من العيال؟
قال (ع): يزيدون على الخمسمائة قال: أولاد كلهم؟ فقال: لا أكثرهم موالي وحشم، وأما الولد فلي نيف وثلاثون الذكران كذا والنسوان كذا، قال: فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهم وأكفائهم؟ فقال اليد تقصر عن ذلك قال: فما حال الضيعة؟ قال: تعطي في وقت وتمنع في آخر، قال: فهل عليك دين؟
قال: نعم قال: نحوكم؟ قال (ع): نحو من عشرة آلاف دينار فقال الرشيد:
يا ابن العم أنا أعطيك من المال ما تزوج به الذكران والإناث وتقضي الدين وتعمر الضياع، فقال (ع): وصلت يا ابن العم وشكر الله لك هذه النية الجميلة والرحم ماسة والقرابة راسخة والنسب واحد، والعباس عم النبي وصنو أبيه وعم علي بن أبي طالب وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك وقد بسط يدك وأكرم عنصرك وأعلا مجدك، فقال: أفعل ذلك إن شاء الله تعالى يا أبا الحسن