يرفسه برجله، فخرج سليمان بن جعفر الجعفري من قصره إلى الشط فسمع الصياح والضوضاء فقال لولده وغلمانه: ما هذا؟ فقالوا: إن السندي بن شاهك أمر أن ينادي على موسى (ع) بهذا النداء وهو على نعشه، فقال لولده وغلمانه: يوشك أن يفعل هذا به من الجانب الغربي، فإذا عبروا به فانزلوا مع غلمانكم وخذوه من أيديهم، فإن مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ما عليهم من السواد، فلما عبروا به نزلوا إليهم وأخذوه من أيديهم وخرقوا سوادهم فوضعوه في مفرق طرق وقام المنادي ينادي: ألا من أراد أن ينظر إلى الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليخرج، فحضر الخلق فغسل وكفن في حبرة له استعملت بألفي دينار قد كتب القرآن كله عليها، واحتفى سليمان ومشى وراء جنازته مشقوق الجيب متسلبا حتى انتهوا به إلى مقابر قريش فدفنه هناك، وكتب بأمره إلى الرشيد فكتب إليه الرشيد: وصلت رحمك يا عم فأحسن الله لك الجزاء والله ما فعل السندي هذا عن أمرنا.
وفي خبر رواه في العيون عن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت أبي يقول: لما قبض الرشيد على موسى بن جعفر (ع) قبض عليه وهو عند رأس رسول الله (ص) قائما يصلي فقطع عليه صلاته، وحمل (ع) وهو يبكي ويقول: إليك أشكو يا رسول الله ما ألقى، وأقبل الناس من كل جانب وهم يبكون ويضجون، فلما أوتي به الرشيد شتمه وجفاه، فلما جن عليه الليل أمر بقبتين فهيئتا له فحمل موسى بن جعفر (ع) في إحداهما في خفاء ودفعه إلى حسان السروري وأمره أن يسير به في قبة إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو أميرها، ووجه قبة أخرى إلى الكوفة علانية ومعها جماعة ليعمي على الناس أمر موسى بن جعفر (ع)، فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم واحد ودفعه إلى عيسى بن جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك وشاع خبره، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه وأقفل عليه وشغله العيد عنه، فكان لا يفتح عنه الباب إلا في حالتين حالة يخرج فيها للطهور وحالة يدخل فيها إليه بالطعام، قال أبي: فقلت للفيض بن صالح وكان