قال: أشقى الأولين عاقر الناقة وأشقى الآخرين الذي يطعنك (1) وفي هذا كله إشارة لا تقبل الجدل على أن أصحابه - من حيث التفاوت في الدرجات هم كسائر البشر، سواء منهم الألمعي الكامل، ومنهم الناقص الخارج، فضلا عن كونهم ليسوا سواء في صدق الصحبة ومراتب الدعوة أفبعد ذلك يتلمس المتلمسون دستورا أعظم من هذا الدستور يستندون عليه في جواز نقد الصحابة؟!
إن الصحابة والناس جميعا سواء في نظر هذا الدين الحنيف إنما يتفاضلون بالتقوى، وبمقدار ما أحرزوه من توفيق في تطبيق هذا المبادئ فالصحابي لا تتفق صحبة في شئ إذا لم يستمسك بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من شرائع ومبادي ومثل عليا والمعاصرون - أمثالنا - لا يضرهم في شئ بعد ما بينهم وبين رسول الإسلام من قرون وأزمان سحيقة إذا صح فهمهم لهذا المبادئ وصدقت عزيمتهم في الاستمساك بأهدابها السامية فكم من قريب وهو بعيد، وكم من بعيد وهو قريب!!
أقول: إنما مثلنا ومثل أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم في الدعوة إلى الحق وفي وجوب تبليغ ما جاء به إلى الأجيال المتلاحقة - هو سواء نعم!
وليس للصحبة من منقبة أعظم من شرف المشاهدة لصاحب الشريعة والأخذ عنه ولكن ينبغي أن نعلم أن هذه الصحبة لها وجهان متميزان، فهي: نعمة عظمي، وحجة دامغة على صاحبها في آن واحد