نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٣٣
فكل ما جاء عن هذين الطريقين فهو الحق الصراح الذي لا جدال فيه ولا مرية وكل ما جاء عن غير هذين الطريقين فهو عرضة للنقد والتقويم، والاستحسان والاستهجان، والتعديل والتجريح.
ولعل القارئ الحصيف قد وقف على ما أعنيه من هذه المقالة، وهو أن هذه الكلمات الحكيمة التي كان يفتتح بها هذا الصحابي الجليل مجالسه كان يقصد بها أمرا عظيما في مجال (التشريع الإسلامي) وهو العكوف على الكتاب والسنة.
أما الكتاب: فهو واضح ظاهر متفق على ألفاظه وترتيبه اتفاقا توفيقيا لا جدال فيه، وأما السنة: فينبغي أن تؤخذ بالتواتر عن الثقات الذين لا يتواطأون على الكذب على رسول الله.
وشئ آخر يجمل بنا أن نستخلصه من هذه الكلمات الصادقة الحكيمة وهو أن هذين المصدرين قد ارتفعا عن مقام النقد والتقويم والتعديل والتجريح، وأن ما سواهما ينبغي أن يخضع لميزان النقد، وأن نحكم فيه عقولنا وأن نزنه بميازين الكلام، حتى نميز سقيمه من صحيحه، وغثه من سمينه، وصريحه من مزيفه.
ونحن في إبان ذلك لا يهولنا أمر المتكلم مهما بلغت منزلته من المجتمع ومكانته من الناس، لأن المعنى عندنا هو الحقيقة، وكلمة الحتى، وليس شئ أكثر من هذا، ولو كان ذلك المتكلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأن (الصحابة) رضي الله عنهم - مهما بلغوا من درجة العدالة والضبط والدقة في المحافظة على ألفاظ الرسول وعباداته - فإنه يجوز عليهم
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»