وكتب الصحاح المعتمدة إلا أنها تسئ إلى جلال الحديث النبوي ولم تشرفنا أمام أعدائنا المستشرقين الذين يتربصون بالإسلام الدوائر ويتمنون له الأخطاء والعقابيل لكي يكيدوا لنا وينالوا من ديننا القويم.
ومن هذه الأحاديث حديث سحر بنات لبيد لحضرة النبي عليه السلام فإن المحدثين بعتمدون هذا الحديث ويعتبرون أن النبي عليه السلام أصابه السحر ثم يقولون إن السحر لم يصب عقله الشريف بل أثر في مزاجه وجسده أقول: وهذا تلفيق من الشراح واضح العور وأنا لست أشك في صحة الخبر ولا في صحة نزول خادمة وأمين وحيه جبرئيل عليه السلام بسورة المعوذتين ولا في إخراج السحر من البئر المذكورة (بئر معونة) في شروح الحديث ولكن الذي لا نصدقه أن السحر أثر في عقله أو في مزاجه أو حسده الشريف لأن النبوة عند الله أكرم مما يتصوره هؤلاء الشراح بكثير جدا غاية ما في الأمر أن هذا الحديث ينزل منزلة التشريع من حيث الاعتقاد بالسحر كما نعتقد بنص القرآن في قصة هاروت وماروت وأن السحر يؤثر في سائر البشر حاشا الأنبياء والمرسلين لأنه لا يليق بمقام الوحي أبدا وعلى هذا فإني وإن صححت الحديث من حيث إجراء السحر من بنات لبيد المذكورين في الراوية إلا أني أنكر صحة تأثيره في حضرة النبي عليه السلام.
بل أعتبر القائل بتأثيره على عقله الشريف كافيا والقائل بتأثيره على مزاجه أو صحته الجسمية فاسقا أو جاهلا صاحب غفلة فالاعتقاد بوجود السحر وعلومه شئ، والاعتقاد بتأثيره على عقول الأنبياء شئ آخر.