وأما تصريحه بذكر اسم واحد من الخارجين عليه من أصحابه فكان أشد ندرة من الكبريت الأحمر.
ومن هذا ما ذكر في شأن مروان بن الحكم.
فقد روى الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من (المستدرك) عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال:
كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به للنبي فيدعو له، فأدخل عليه مروان الحكم فقال:
(هو الوزع بن الوزع الملعون بن الملعون) (1) وكلام الأنبياء حق، فما بالك بكلام سيدهم أقول: وهذا الحديث يؤيده الواقع.
ولكن تصريح الرسول بذكر أسماء المنافقون من أصحابه أمر شديد الندرة وهو شئ يتفق مع أخلاق النبوة.
ومن هنا لاحظت أن أكثر الأحاديث الواردة في المنافقين والمارقين من معاصريه صلوات الله وسلامه عليه كانت تذكر بطريق الكناية دون التصريح، كقوله في قاتل (علي) رضي الله عنه:
يا علي، أتدري من أشقى الناس (فقال: الله ورسوله أعلم، فقال: أشقى الناس: عاقر ناقة صالح وضارب هامتك) ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن عباس قال: إن النبي قال:
ألا إنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح:
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم