موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٧٩
العذبة للشرب من الفرات وإيصالها إلى النجف من قبل السلاطين والعلماء وغيرهم.
فأول من قام بحفر نهر التاجية الصاحب عطاء الملك بن محمد الجويني عام 676 هجرية.
ثم جاء بعده الشاه إسماعيل الأول الصفوي إلى النجف فأمر بحفر نهر الشاه سنة 914 هجرية، وتلاه الشاه طهماسب الصفوي فأمر بحفر نهر الطهماسبية سنة 980 هجرية، ومن بعده جاء الشاه عباس الصفوي الكبير، وعند وفوده إلى النجف أمر بحفر نهر المكرمة سنة 1032 هجرية.
بالإضافة إلى الاحتياطات الأمنية التي اتخذت في حفظ النجف وسكانها من غارات البدو " كبناء الأسوار لها "، وكان هذا التحول والانتقال في القرن التاسع والعاشر.
وليس بعيدا أن يكون توفير المياه والأمن في النجف سببا لعودة العلماء وبعث الحياة العلمية في جامعة النجف.
واستمرت الجامعة النجفية بواجبها في أداء رسالتها حتى أواخر القرن الحادي عشر للهجرة، فقد قلت الهجرة إليها وتضاءل وفود الطلاب من الخارج عليها بسبب الصراع السياسي والمذهبي الدامي الدائر بين الدولتين الصفوية والعثمانية على العراق (1)، مما جعل الناس ينكمشون عن الهجرة إلى العراق،

(١) استولى الصفويون بقيادة الشاه إسماعيل الأول على بغداد في ٢٥ جمادى الثانية سنة ٩١٤ ه‍ / ١٥٠٨ م. ودارت الحروب والوقائع بين العثمانيين والصفويين في التنازع على السلطة في العراق بصورة متوالية. يقول عباس العزاوي في كتابه تأريخ العراق بين احتلالين (٣: ٣٢٥): وكانت - أي الحروب - مؤلمة جدا، فقد احترق الأهلون بين ر؛؛ ؛؛ ط نيران الاثنين المتحاربين. فالمتغلب منهما يحاول القضاء على كل نزعة لمخالفه، ويسعى لتدميرها واستئصالها، والآخر يراعي عين العملية بلا رحمة ولا شفقة. ولا تسل عما أصاب من هلاك في النفوس وتدمير في الأموال أو في العلوم والآثار، أو في الثقافة.
فلم يجد العراق من راحة أو هناء، ولا طمأنينة وسكون... يخرجون من حادث ليترقبوا آخر، فالمصائب تترى، والوضع غامض، ولا يعرف القوم مصيرهم، ولا ماذا سيعمل بهم.
دام هذا الوضع المرتبك والقلق، إلى دخول سليمان القانوني (ت / ٩٧٤ ه‍) بغداد في ٢٤ جمادى الأولى سنة ٩٤١ ه‍ / ١٥٣٤ م، فشهد العراق بعض الوقت راحة نسبية من عدم تجدد الحروب على أراضيه. ويضيف العزاوي في موضع آخر من كتابه (٤: ١٨) فيقول:
والحق أن العراق اكتسب الراحة، وسكن مدة، ولكن بعد قليل دب في الدولة الضعف من جراء استمرار الحروب - مع مجاوراتها من الدول، خاصة إيران - فاضطرت الدولة - العثمانية - إلى التضييق على الأهلين.
وجرت حوادث كان آخرها واقعة سنة ١٠٢٨ ه‍ / ١٦١٩ م في بغداد والتي كان من نتائجها أن استولت إيران مرة أخرى على بغداد ودخلتها في ٢٣ ربيع الأول سنة ١٠٣٢ ه‍ / ١٦٢٣ م.
وجر هذا الاحتلال إلى حروب وبيلة وقاسية بين العثمانيين والإيرانيين اكتسبت عنفا وشدة، فصارت كل واحدة منهما على وشك الهلاك، ولم يبق بين الحياة والموت إلا أنفاس معدودة، كل هذا والعراق وأهله يدفعون الثمن، فحدثت المعارك الهائلة، والحروب الطاحنة بين الطرفين، تمكن السلطان مراد الرابع (ت / ١٠٤٩ ه‍) في النهاية من استعادة بغداد سنة 1048 ه‍ / 1639 م، وكان ذلك آخر عهد إيران بالعراق، وإن استمرت الحروب ولم تنقطع ولم يهدأ لهم أمل بالعود مرة أخرى.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»