ويمكن تسمية هذا العصر، بعصر النهضة العلمية لكثرة من نبغ فيه من فحول العلماء وأجلائه، ولكثرة تهافت الناس على طلب العلم، وتدفق الطلاب من خارج القطر وازديادهم، وقد برز في ذلك القرن أقطاب الفقه وأصوله الذين هم في الدرجة الأولى علما وتأليفا وتقوى وصلاحا، وقد خلفوا لنا آثارا قيمة خالدة تشهد على مدى التوسع العلمي في ذلك العهد، مثل كتب " كشف الغطاء " و " مفتاح الكرامة " و " الرياض " و " المكاسب " في الفقه، و " القوانين " و " الفصول " و " الضوابط " و " حاشية المعالم " للشيخ محمد تقي الاصفهاني و " رسائل " الشيخ الأنصاري وتعليقاتها في أصول الفقه إلى غير ذلك من الكتب المطولة.
وكان في القمة من تلك الآثار الفقهية كتاب " جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " (1)، الموسوعة الفقهية التي فاقت جميع ما سبقها من الموسوعات سعة وجمعا وإحاطة بأقوال العلماء وأدلتهم، وقد ذكره السيد محسن الأمين في موسوعته " أعيان الشيعة " فقال عنه: إنه كتاب لم يؤلف مثله في الإسلام.
ولعل أهم الخطوات التي اتخذها الزعيم الجديد لجامعة النجف الأشرف، السيد محمد مهدي بحر العلوم في تنظيمه الإداري، هي تعيين فطاحل العلماء كل بمركزه المناسب له بحسب اختصاصه، وتوزيع أدوارهم. فمثلا:
أولا: جعل الشيخ كاشف الغطاء المتوفى سنة 1228 ه في مركز التقليد والفتوى، حتى قيل: إنه أجاز لأهله وذويه بالرجوع إلى تقليد الشيخ جعفر الكبير،