موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٧٢
قريبا من الأحداث، والتطلع بحذر إلى ما يجري في الساحة وما ستنكشف عنه الوقائع.
وهذا لا يعني عدم استجابة الإمام (عليه السلام) لنداء الأمة الصامت بالتخلص من مآسي الحكم وتجاوزاته التي أغفلت دور الرسالة في صنع الحياة الكريمة المعطاء للإنسان المسلم.
ولم تكن دوافع الإمام (عليه السلام) في اعتزاله وعزوفه عن العمل السياسي الثائر بدوافع زهدية محضة، أو لأن ذلك لا يعنيه البتة، بل باعتبار أن تقلبات الأحداث فرضت وضعا سياسيا معينا، ومركز الإمامة وثقلها يحتم عليه اتخاذ وضع معين، ولعدم ثقته بالقوى الثائرة التي يفترض فيها أن تكسب الجولة الأخيرة في الصراع، أدى ذلك إلى أن يفقد الإمام (عليه السلام) دوره الطليعي الطبيعي في وسط الصراع.
فهو حين لا يمتلك مبررات التحرك الثوري ونتائجه الإيجابية لنفسه، فمن البديهي أن لا يملك المبرر لتحمل مسؤولية التغيير، الذي لا يتحرك من منطلقات رسالية مخلصة، بل من منطلقات غريزية وذاتية، ظهرت آثارها على تصرفات الحكام وسلوكهم فيما بعد.
ولكن بعده عنها لا يقيه بطش الحاكم الجبار الحذر المتنمر، الذي تدعوه نفسه الشريرة إلى المواجهة الشرسة، وما توسوس له هواجسه الخبيثة، مخافة ثورة أهل البيت وشيعتهم على حكمه الجائر.
وكان توفيق السماء حليف الإمام الصادق (عليه السلام) في مواجهاته مع الجبار الشرس (المنصور العباسي)، وإن بقيت الدولة على حذرها وما يفتأ بين حين وآخر أن تنزل بأهل البيت وشيعتهم العذاب والاسترهاب من القتل والتمثيل وجعلهم
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»