من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٦٧
E / في الجود وعزة النفس روى ابن عساكر في تاريخه: إنه (عليه السلام) كان يحمل إليه المال من البصرة وغيرها فلا يقوم من مكانه حتى يفرقه على الفقراء بكامله.
ولقد اشتهر النقل عنه (عليه السلام) أنه كان يكرم الضيف ويمنح الطالب ويصل الرحم وينيل الفقير ويسعف السائل ويكسو العاري ويشبع الجائع ويعطي الغارم ويشفق على اليتيم ويعين ذا الحاجة، وقل أن وصله مال إلا وفرقه.. ونرى في الجانب الآخر ما روي من أن معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير وثياب وافرة وكسوات وافية فرد الجميع عليه ولم يقبله منه. فهذا يعني أن الكريم في العطاء هو الكريم في النفس أولا. وأن للكرم في الاسلام شروط، ومنه أن لا يرتبط بالحاكم الجائر.
يقول المحدث الجليل الشيخ القمي (رحمهم الله) معلقا على هذه الرواية:
وهذه سجية الجواد، وشنشنة الكريم، وسمة ذي السماحة، وصفة من حوى مكارم الأخلاق، فأفعاله شاهدة له بصفة الكرم، ناطقة بأنه متصف بمحاسن الشيم، وينبغي أن يعلم أن الكرم الذي الجود من أنواعه كامل في أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ثابت لهم، محقق فيهم، ولا يعدوهم ولا يفارقهم، بل هو لهم على الحقيقة وفي غيرهم كالمجاز. ولهذا لم ينسب الشح إلى أحد من بني هاشم ولا نقل عنهم، لأنهم يجارون الغيوث سماحة ويبارون الليوث حماسة.
وهذه الأخلاق الكريمة اتخذوها شريعة، وجعلوها إلى بلوغ غايات الشرف ذريعة، لشرف فروعهم وكرم أصولهم، فهم مقتدى الأمة، ورؤوس هذه الملة، وسروات الناس، وسادات العرب، وخلاصة بني آدم، وملوك الدنيا، والهداة إلى الآخرة، وحجج الله على عباده، وامناؤه في بلاده، فلابد أن تكون علامات الخير فيهم ظاهرة وسمات الجلال بادية باهرة.
وكيف لا يجود بالمال من يجود بنفسه النفيسة في موطن النزال، وكيف لا يسمح بالعاجل من همه بالآجل. ولا ريب عند العقلاء أن من جاد بنفسه في القتال فهو بالمال أجود، ومن زهد في الحياة المحبوبة فهو في الحطام الفاني أزهد.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»