من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٦٦
علينا مدرارا، واسقنا غيثا مغزارا، واسعا غدقا، مجللا سحا (1) سفوحا (2)، فجاجا (3)، تنفس به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، آمين رب العالمين ".
فما فرغ (عليه السلام) من دعائه حتى غاث الله تعالى غيثا بغثة، وأقبل أعرابي من بعض نواحي الكوفة فقال: تركت الأودية والآكام يموج بعضها في بعض. (4) أظنك أيها المسلم الفطن قد وقعت على بيت القصيد في هذه القصة الجميلة! فقد أنزل الله ماءا لعطاشا أهل الكوفة بدعاء الحسين (عليه السلام) ولا أدري بأي ميزان أخلاقي أوزنوا موقفهم بعد سنين قليلة، حينما منعوا الحسين وأطفاله والنساء والرجال الذين معه في كربلاء وفي تلك الحرارة الحارقة، عن قطرة ماء، فقتلوه وقتلوهم عطاشا مالم يفعله المسلمون مع الأنعام حين ذبحها. أهكذا تطبق الآية القائلة * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) *؟! أم هل الأنعام تستحق السقي قبل الذبح ولا يستحقه الحسين وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)؟
حقا لم تكن الأخلاق الكريمة قد زويت عن أولئك الوحوش القتلة بل وحتى الانسانية في أدنى درجاتها كانت معدومة فيهم.
هذا وإن في موقف الإمام علي (عليه السلام) حينما أحال طلب الكوفيين إلى ابنه الحسين (عليه السلام) ليصلي صلاة الاستسقاء سر وأسرار، منها أن لعلهم يتذكرون ذلك في يوم الطف يوم كربلاء الحزينة، ولكن أنى لمن نسي ذكر الله أن يتذكر منزلة أولياء الله.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - أن تحسن إلى الناس ما استطعت.
2 - أن تربط إحسانك بالله عبر الأهداف الإلهية النبيلة.
3 - ضرورة بعد النظر في تعريف الصالحين.

١ - سحا: أي صبا غير منقطع.
٢ - سفح سفوحا: أي انصب صبا.
٣ - فجاج: الذي يشق الأرض.
٤ - الآكام هي التلال. عيون المعجزات ٦٤، بحار الأنوار ٤٤: ١٨٧ حديث 16، العوالم 17: 51 حديث 1.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»