وفي الكلمة التي ألقاها الحسين على قبر أخيه كثير من المعاني الجامعة، على لسان هذا الصنو الموتور بأخيه، قال (عليه السلام): " رحمك الله، أبا محمد، إن كنت لتناصر الحق عند مظانه، وتؤثر الله عند مداحيض الباطل وفي مواطن التقية بحسن الروية. وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتقبض عنها يدا طاهرة. وتردع ماردة أعدائك بأيسر المؤونة عليك. وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع لبان الحكمة. وإلى روح وريحان، وجنة نعيم. أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الأسى عليه " (1).
حقا، يعز على أبي عبد الله الحسين، أن يفقد عضده في أحلك الظروف حيث شوكة بني أمية في تقو، وأحوال الأمة في ترد، وقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) صامدا في مواجهة المعاناة التي تحملها، فتجرع غصص الصلح مع معاوية، ذلك الذي ألجأه إليه وهن الجبهة الداخلية، وشراسة الأعداء الخارجيين، وتسلل الخونة من امراء جيشه، وفساد خلق الأمة وانعدام الخلاق إلى حد التكالب على الدنيا وحب الحياة، والهروب من الموت.
إن كان الإمام الحسن (عليه السلام) يواجه هذه المصاعب، فإنه لم يكن وحيدا، بل كان الحسين إلى جانبه يعضده، لكن الحسين (عليه السلام) حين ينعى أخاه سوف يبقى لما سيتحمله من أعباء المسؤوليات، وحيدا، بلا عضد.
وهذا هو الأصعب الذي قال عنه الحسن لأخيه ساعة احتضاره " لا يوم كيومك يا أبا عبد الله " (2).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - أدب الكلام في المصائب ومدح الرجال الأبرار.
2 - التلاحم بين القادة الصالحين يخدم الأهداف الأخلاقية.
E / في الحفاظ على كرامة السائلين يحظى الفقير السائل عند الحسين (عليه السلام) حاجته مع حفظ ماء الوجه، وذلك ما نتمناه من