E / في العدل والشرف والشجاعة الشجاعة قيمة أخلاقية عظيمة، وإذا تجردت عن الأخلاق الحسنة والهدف الإلهي لا تكون شجاعة بل هي الوحشية والقسوة المذمومة. في القصة التالية تجد الفرق بين هذين.
عن عبد الله بن قيس بن ورقة: قال كنت ممن غزى مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين، وقد أخذ أبو أيوب الأعور السلمي وكان من قادة جيش معاوية الماء وحرزه عن الناس - أي منعه عنهم - فشكى المسلمون العطش، فأرسل فوارس على كشفه - أي دفعهم عن الماء - فانصرفوا - وعادوا - خائبين، فضاق - الإمام علي (عليه السلام) - صدره، فقال له ولده الحسين (عليه السلام): - ذلك الشجاع الضرغام - " أمضي إليه يا أبتاه "؟
فقال: امض يا ولدي.
فمضى مع فوارس، فهزم أبا أيوب عن الماء، وبنى خيمته وحط فوارسه، وأتى إلى أبيه وأخبره، فبكى علي (عليه السلام)، فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ وهذا أول فتح بوجه بركة الحسين (عليه السلام).
قال: " صحيح يا قوم ولكن سيقتل عطشانا بطف كربلاء، حتى تنفر فرسه وتحمحم وتقول: الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها. " (1) أنظر أيها المسلم اللبيب، إلى الفرق بين الحسين وأعدائه، إنه فرق الأخلاق وعدمها، فرق العدل وعدمه، فرق الشرف واللا شرف، فرق الشجاعة والدناءة.
وهنا تأمل في بقية الموقف لترى جماليته العلوية ومناقبيته الحسينية. فلقد اقترح بعض رجال جيش علي (عليه السلام) أن يمنع الإمام علي أصحاب معاوية الماء عملا بالمثل، ولكن الإمام علي (عليه السلام) أبى هذه الأخلاقية الأموية، أن يلتزمها، وقد التزمها يزيد بن معاوية وساسته المجرمون في كربلاء.
أجل، وهذا هو الفرق بين علي (عليه السلام) ومعاوية، والحسين (عليه السلام) ويزيد الدنس. إنه الفرق بين رجال الله الرحماء ورجال الشيطان الأجلاف القساة.