أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب، وقال: يا أهلي وأهل الله! إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، يقول:
إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟
قالوا: نصبر يا رسول الله لأمر الله، وما نزل من قضائه حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله.
فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) * (1) إنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا صلوات الله عليهم ". (2) ومن أجل ذلك لقد أمرنا الله سبحانه قائلا: * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * (3).
فالواجب هو الاقتداء بمن هداهم الله. وهذا ما عناه الإمام علي (عليه السلام) حينما خاطب ولده الحسين بأرق كلمة وأهدئها لطافة وأدبا وحنانا حيث قال: " يا أبا عبد الله أسوة أنت قدما " (4).
ومن هنا قد ركب سفينة الحسين كل الذين قصدوا الدرجات الرفيعة في الجنة، ولقد دعاهم الحسين إلى ركوبها بسم الله مرعاها ومرساها، أليس جده محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال فيه إنه سفينة النجاة؟ فهنيئا لمن وصل إلى مغزى الكلمة وركب السفينة قاصدا بيت محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في الجنة عند مليك مقتدر.
أنظر أيها القارئ إلى نموذج من تبادل الدعوة والاستجابة بين القائد والمقود.. بين الإمام والمأموم، ثم تأمل في موضع قدمك وأنك أين تقف من الحقيقة الناجية، كتب الحسين (عليه السلام) إلى أشراف البصرة ووجهائها: " بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى أشراف البصرة ووجوهها. إني أدعوكم إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه، وان السنة قد أميتت وإن البدعة قد أحييت، فإن تجيبوا دعوتي وتطيعوا أمري أهدكم إلى سبيل الرشاد، والسلام ".