من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٣٤
ويصف الأمام (عليه السلام) أهل الذكر: " وان للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه... " (1).
ورسول الله (صلى الله عليه وآله) أبان حال الذاكرين هكذا: " إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاءا للثواب " (2).
ويبين الإمام الصادق (عليه السلام) الآثار العملية لأخلاق الذاكرين المحبين: " حب الله إذا أضاء على سر عبد أخلاه عن كل شاغل، وكل ذكر سوى الله تعالى ظلمة، والمحب أخلص الناس سرا لله تعالى، وأصدقهم قولا، وأوفاهم عهدا، وأزكاهم عملا، وأصفاهم ذكرا، وأعبدهم نفسا، يتباهى الملائكة به عند مناجاته ويفخر برؤيته، وبه يعمر الله بلاده، وبكرامته يكرم عباده، يعطيهم إذا سألوا بحقه، ويدفع عنهم البلايا برحمته، فلو علم الخلق ما محله عند الله ومنزلته لديه ما تقربوا إلى الله تعالى إلا بتراب قدميه " (3).
3 - أن يرسل الإنسان نظره إلى الآخرة، ويراقب ما يقطع عليه طريقه إلى الجنة.
قال الله تعالى: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * (4).
فالذي تكبر في نفسه آخرته تصغر في عينه الدنيا فلا يقرب ما يهدد سعادته الأبدية.
وكيف لا يكون كذلك وهو قد وضع في ذاكرته تحذير أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يصف يوم القيامة قائلا: " عباد الله إحذروا يوما تفحص فيه الأعمال ويكثر فيه الزلزال وتشيب فيه الأطفال، إعلموا عباد الله إن عليكم رصدا من أنفسكم، وعيونا من جوارحكم، وحفاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج، ولا يكنكم منهم باب ذو رتاج، وإن غدا من اليوم قريب... " (5).

١ - نفس المصدر خطبة رقم (٢٢٢).
٢ - بالفارسية (أخلاق عملي) ص ٦٨ / للشيخ مهدوي كنى.
٣ - مصباح الشريعة / باب 96.
4 - سورة القصص: الآية 83.
5 - نهج البلاغة (بقلم فيض الإسلام) خطبة رقم 156.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»