من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٣٢
وقال أيضا: " إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع " (1).
ولكن الحقيقة الأمر من المر هي أن البشر لازال لم يتعظ من ويلاته، فها هو عاكف بشدة وإصرار غريب على أهوائه. والأغرب في ذلك اتباع المسلم للهوى.
يقول النبي (صلى الله عليه وآله): " ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع " (2).
يزعم عباد الهوى أنهم أحرار من قيود الالتزامات العبادية والمبادئ الأخلاقية حسب ما تروج له المدرسة الإنحلالية في الغرب وتسوقها في بلاد المسلمين عبر ما أوتيت من قوة إعلامية متنوعة الوسائل والتقنية المغرية. ولكن وقفة تأملية في جوهرة الحرية تهدينا إلى أنها لا تكون إلا في العبودية لله الحق المبين، وليس الهوى إلا عبودية للشهوات المادية الزائلة، إذ يردف هذه العبودية على المستوى الفردي فراغ روحي وضياع سلوكي وتذبذب فكري واضطراب نفسي، ويردفها على المستوى العائلي نشوب خلافات ومشاجرات وبرود العلاقات الزوجية والتفكك الأسري، وعلى المستوى الاجتماعي يسبب مصادمات وجرائم القتل والسرقة، وعلى المستوى السياسي يؤدي إلى حروب ودمار للاقتصاد والأرواح والأعصاب...
بينما هذا ما لم يحدث في ظل العبودية لله القائل في قرآنه العظيم: * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) * (3).
إذن.. لا يمكن للأخلاق الكريمة أن تعيش مع صاحبها إلا على قاعدة نفي الهوى. فإذا علمت ذلك فاستعد عمليا لنفيه عن نفسك وأنت تتذكر دائما في قوله تعالى: * (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " (4).
انظر إلى العلاقة بين " اتباع الهوى " و " حلول الضلال " و " الوقوع في العذاب " انها

1 - نفس المصدر / خطبة رقم (50).
2 - تفسير الميزان / ج 15 / ص 237.
3 - سورة الأعراف: الآية / 96.
4 - سورة ص: الآية 26
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»