التي عبر عنها الإسلام بحقوق الناس - لتحولت حالنا إلى أحسن الأحوال، وأصبح واقعنا يتحرك من الجيد إلى الأجود في كل مجال.
ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) شاخصا له ثلاثة من أهم أعمدة الأخلاق الاجتماعية في الإسلام، والتي إن تبناها الفرد المسلم، قام بنيان المجتمع على أسس سليمة في العلاقات بين أفراده، يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي.. ثلاث من مكارم الأخلاق، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، تعفو عمن ظلمك " (1).
وعلى أساس هذه الوصايا الذهبية للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، قام الإمام علي (عليه السلام) في التعامل مع الذين اختلفوا معه وناوئوه في حقه ومكانته.
فلقد كافح الإمام علي (عليه السلام) لترشيد الخلافة من بعد رسول الله - قدر المستطاع - فلم يكن يتردد في إسداء النصح للخلفاء الثلاثة، وهو في ذات الوقت يذكرهم بأخطائهم المهلكة ويؤكد على حقه في الخلافة كما أوصى به رسول الله، وأحاديث السيرة في ذلك متواترة عن الصحابة من طرق المذاهب الإسلامية كلها (2).
ولم يجانب الإمام (عليه السلام) تلك الأخلاق العظيمة حتى بعد أن انتخبه المسلمون خليفة لهم بالطلب والإلحاح عليه ثم أوقعه أهل الدنيا منهم في حروب داخلية في واقعة جمل والصفين والنهروان، ولقد أكد التاريخ أنه (عليه السلام) مع ما كان عليه من مكانة عالية وقوة فائقة لم يتوسل بالمكر والخدع السياسية والقمع الدموي في نفي المعارضة، بل رقى إلى أعلى درجات الأخلاق حتى أقر بذلك عدوه لاحقا وكيف يكون خارجا عن هذه السمات الأخلاقية الرفيعة من هو ميزان الحق والمجسد للأخلاق الحقة، الذي كان متميزا عن غيره في كونه أول الناس إسلاما وإيمانا برسول الله، لم يسجد للأصنام طرفة عين، ولد في الكعبة بيت الله، واستشهد في محراب صلاته، وبينهما أخلص وجوده كله لله، وهو صاحب الحكمة الحضارية الخالدة المنقذة للإنسانية المعذبة: " لو كنا لا نرجو جنة، ولا نخشى نارا، ولا ثوابا ولا عقابا، لكان ينبغي لنا أن نطالب بمكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح " (3).