من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٤
حاجتنا إلى الأخلاق هي حاجتنا إلى الحياة!
أو تدري لماذا؟
لأن الحياة المجردة عن أخلاقها الطيبة كآبة وضياع وحيرة، وكم أدت هذه الحالة الميتة روحيا إلى الانتحار الجسمي، أليس لأنه لا فرق بينهما إذا غاب طعم الأخلاق الطيبة عن الحياة؟
يشترك الإنسان مع البهائم في الأكل والشرب والنوم ولذة الجنس وأحيانا كثيرة في الشكل وأعضاء الجسم والمتطلبات المادية، ولكنه يفترق عنها في العلم والمعرفة والأخلاق والسلوك الإنساني إذا اكتسبه، وإلا بقي مشتركا معه في تلك الصفات البهيمية، وكلما كان الإنسان أكثر عروجا وإقلاعا سماويا في فكره وفعله كلما صار أكثر ملائكيا وسعادة في حياته وبعد مماته، وهنا هو ميدان سعيه المتواصل ومحك الاختبار له.
والعجب كل العجب، كيف يقبل الإنسان أن يتنفس الهواء ليعيش ولا يقبل أن يتحلى بالأخلاق ليسعد ويتهنأ من عيشه رغدا؟
حقا * (إنه كان ظلوما جهولا) * (1) ولكن يمكنه الإنتشال من هذا الحضيض بالعروج على أجنحة الأخلاق إلى أسمى معاني السمو الإلهي. فعند ذلك يتصف بما وصفه الله ب‍ (خليفته في الأرض) ألسنا نقرء في الحديث الشريف: " تخلقوا بأخلاق الله ".
فما هي أخلاق الله تعالى؟
إنها العدل والإحسان، الصبر والرفق والصدق، العفو والعلم، الجود والكرم، الحب والأمانة، النظم والانضباط، الوفاء والاستقامة، التدبير والحكمة، مناصرة الحق والمؤمنين.
وليست أضداد هذه الصفات الحسنة إلا صفات أعداء الله، ويقف الشيطان في مقدمتهم داعيا إلى المزيد من طاعة النفس الأمارة بالسوء.

1 - سورة الأحزاب: الآية / 72.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»