من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٥
ومن المؤسف تخلق أكثر المسلمين بأخلاق أعدائهم، وكأنهم نسوا أن الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) حينما تحدث للناس عن دينه العظيم قال أول ما قال: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " (1).
فجعل أحكام الدين لا تنفك عن روح الأخلاق والفضائل الإنسانية، فكل شعيرة من الشعائر التي ظهرت في التعاليم الإسلامية بدؤها الأخلاق وعمقها الأخلاق وغايتها الأخلاق. حتى لا يقبل الله من مسلم أن يأتي بحكم من الأحكام أو شعيرة من الشعائر لم تكن الأخلاق بدؤها وعمقها وغايتها، والأخلاق بهذا المعنى الشامل هي عين التقوى.
والله عز وجل قال: * (إنما يتقبل الله من المتقين) * (2).
ومن الأشد أسفا ودهشة إذا رأيت التجرد عن الأخلاق الرسالية العظيمة عند رجال يتسمون بالعلم أو يعملون في مجال الدعوة الإسلامية. يا لها من إشكالية قاصمة لظهر العلم والدعوة معا.
ولا أدري كيف أعبر عن هذه الإشكالية في بعض المحسوبين على خط الحسين (عليه السلام)!
فقد تناقضوا بين الهدف والوسيلة، وخلطوا بين الفضيلة والرذيلة، وجاؤا بصورة ممسوخة ومنبوذة عن الإمام الحسين (عليه السلام).
كيف يدعون حب الحسين وإحياء شعائره وهم لا يلتزمون بأخلاق الحسين (عليه السلام) مع أبناء مذهبهم والحاملين ذات الحب والشعائر؟!
أليس في هذا التناقض سر يتصل بغياب الأخلاق الحسينية عن فكرهم وسلوكهم؟
وهذا ما يكشف عن حاجتنا إلى أخلاق الإمام الحسين (عليه السلام). ومن أجل ذلك حاولنا تجميع أكبر قدر ممكن من مواقفه الأخلاقية (عليه السلام)، كي لا يبقى أحد من المحسوبين عليه (عليه السلام) معذورا إذا إنسلخ عن تلك الأخلاق الكريمة وخاصة في المجابهات الداخلية.
فليعلم (الثوريون) أن الثورية لا تبرر تهميش الأخلاق الحسينية لا في حالات الشدة ولا في غيرها.
وكذلك ليعلم (المجاهدون) أن الجهاد أولا هو جهاد النفس فإن قدروا عليها فهم على

1 - المحجة البيضاء / ج 5 ص 89.
2 - سورة المائدة: الآية / 27.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»