مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٥٤
ذلك بحسب المواطن والمواقف، حتى لا يبقى لاحد عذر في ترك الرجوع إليهما والتمسك بهما.
قال ابن حجر: ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا، ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه، وفى بعض تلك الطرق انه قال بحجة الوداع بعرفة، وفى أخرى انه قال بالمدينة في مرض موته وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفى أخرى انه قال ذلك بغدير خم، وفى أخرى انه قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر. ولا تنافى، إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.
دلالة أحاديث الثقلين يستفاد من هذه النصوص أمور:
(الأول) وجوب ا لتمسك بالكتاب والعترة، والمراد به انما هو وجوب السير على وفق أوامرهم ونواهيهم وارشاداتهم، لكونهم أعدال القرآن، وعدم افتراق أحدهما عن الاخر.
(الثاني) انحصار سبيل النجاة والعصمة عن الضلالة بالتمسك بهم وبالكتاب دون غيرهم كائنا من كان، لأنه جعلهم عدل الكتاب وغير مفترقين عنه، ولأنه لو كان التمسك بغيرهم مؤمنا من الضلال لوجب ان ينبه عليه، خصوصا في مثل تلك المواطن.
ويدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وآله (فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم وانه خاطب الجميع في هذه النصوص، فما من الأمة أحد الا وهو مأمور بالتمسك بهم).
(الثالث) تعليق الامن من الضلالة بالتمسك بالكتاب وأهل البيت جميعا، فالتمسك بأحدهما ان لم يقترن بالتمسك بالآخر لا يوجب الامن من الضلالة، فإنه صلى الله عليه وآله لم يقل: ما ان تمسكتم بأيهما أو بأحدهما. وعليه فمفهوم الحديث يدل على وعيد عظيم، وهو ان من لم يتمسك بهما أو تمسك بأحدهما يقع في الضلال، وذكر ذلك الفاضل الشهير احمد أفندي
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»