مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٤
وسيد الشهداء حمزة، وجعفر الطيار، وبطل الاسلام ومجاهده الأكبر، رجل الحق والتضحية، فارس الغزوات وقاتل صناديد الشرك علي بن أبي طالب.
وكل باحث في التاريخ يعلم أن سبب فتوحات المسلمين بعد ارتحال النبي صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى هو ايمان المجاهدين بحقيقة الرسالة، وخلوص عقائدهم، وصدق نياتهم وقوة عزائمهم، وثباتهم وصبرهم عند لقا العدو، وحبهم للتضحية والشهادة، والجهاد في سبيل الله، فهذه الفتوحات فتوحات الدين، فتوحات الايمان والعقيدة، فتوحات التربية المحمدية، وفتوحات الأمة الاسلامية لا تنسب إلى شخص واحد أو قوم واحد، لأنها ليست كغيرها من فتوحات الجبابرة مثل إسكندر ونابلئون التي ليس ورائها قصد الا استعباد الناس، وبسط السلطة والملك، واغتصاب الأراضي، وليس الغلبة فيها بالسلاح وكثرة العدة والعدد، بل كان بقوة الايمان والثقة بالله، وان النصر منه، والأرض له يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
واما دخول اسلاف أهل إيران في الاسلام فإنه لم يكن بالاكراه والاجبار حتى يوجب الحنق على من أدخلهم فيه، بل كان عن كمال الاشتياق والاختيار، فقد فتحت حقيقة دعوة الاسلام وخلوصها عن الشرك وسماحة شرايعه واحكامه، وجامعية تعاليمه وأكمليته قلوب الإيرانيين إلى الاسلام، وثباتهم على العقيدة الاسلامية، وشدة تمسكهم بمباديه إلى اليوم، وخدماتهم للاسلام كما تأتى الإشارة إليها سجلت في التاريخ الاسلامي، والخطيب يفترى عليهم ويرميهم بالتعصب للمجوس، وينسى خنق المنافقين على علي بن أبي طالب لأنه قتل آبائهم وأبنائهم وأقاربهم في سبيل الله، وحنق الأمويين وغيرهم من مبغضي أهل البيت على الاسلام وعلى الامام على، فلم يسند ما ظهر من الفتن الدامية بين المسلمين إلى حنق هؤلاء الذين لم تذب بالاسلام عصبياتهم الجاهلية، وبقيت قلوبهم مملوة بالحقد والحنق على النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته، وعلى
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»