مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٣
صحيح البخاري، باب كتابة العلم، فاقرأ فيها تأولاتهم فيها حتى تعرف انهم لم يأتوا في هذا الباب بشئ يسكن عنده النفس، ويقبله المنصف.
فالذي لا يعتريه الشك ان كلامه صريح في رد رسول الله صلى الله عليه وآله ومعارضته له، وان الأمة حرمت بذلك عن الامن من الضلال، ولم يرد ابن عباس بقوله: (الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابه) الا هذا، لان حرمان الأمة من الامن من الضلال رزية ليس فوقها رزية، ترتب عليها جميع المصائب والاختلافات، فلا إيراد على المسلم المنصف ان وقف عند هذه الواقعة العظيمة، وتفكر في مغزاها، كما لا اعتراض عليه ان قال: ان الامر الذي أراد كتابته فمنعوه عنه، كان توثيق عهده لأخيه وابن عمه علي عليه السلام بالإمامة والخلافة بعده، ولكنهم لما علموا من تنصيصاته المتكررة في غدير خم، وحديث الثقلين الذي حصر فيه الامن من الضلال بالتمسك بالكتاب والعترة، وحديث المنزلة وغيرها، صدوه عن كتابته، وهذا هو الامر الذي ابكى ابن عباس حتى خضب دمعه الحصبا، وقال: الرزية، كل الرزية..
ولو كان صاحب هذه الكلمة غير عمر، لكان موقفهم تجاهها غير هذا، ولكن الذي يهون الخطب عنده، ويسهل له قبول التأولات المذكورة في حاشية السندي وغيرها ان المتكلم بها عمر.
وليعلم انه ليس غرضنا من هذا المقال، الطعن على الخليفة، ولا على غيره من المسلمين، ولا رد تأولاتهم في ذلك، فحساب الخلق على الله، ولا تزر وازرة وزر أخرى، بل غرضنا النظر في أمثال هذه الحوادث، من الناحية العلمية.
فمن يتأول رزية يوم الخميس وأمثالها، ولا يرى في ذلك بأسا، ويجتهد لان يحملها على المحامل الصحيحة، كيف لا يؤول قول من قدح في عدالة أحد من الصحابة اجتهادا ونظرا إلى مثل هذا الحديث الصريح في رده رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعارضته معه، وهو في هذا الحال حتى اختصموا عنده، وأكثروا اللغو والاختلاف؟ وكيف يقول بقدح ذلك في الايمان، ولا يقول بقدح ما هو أقبح وأفظع منه؟
وان شئت ان تعرف مبلغ أفاعيل السياسة، فقايس بين انهم منعوا النبي صلى الله عليه وآله عن
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»