أهل البيت، والقول بإمامتهم، والتبري من أعدائهم، لا يمنع ذلك، ولا يخالف الأصول التي بنى عليها الاسلام، فان غير ما تلونا عليك مما ذهب إليه أهل السنة كلهم أو بعضهم، حتى تصويب ما صدر عن الشيخين وعدالة الصحابة، ليس من أصول الدين في شئ، ولا دخل لهذه الأمور في الايمان أو في كماله، لا سيما إذا كان من يرى خلاف ذلك مجتهدا.
فمن يؤول رزية يوم الخميس (التي يقول عنها ابن عباس: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثم جعل تسيل دموعه على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، ويعذر عمر بن الخطاب وحزبه فيما قالوا لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله (ائتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا). فقال عمر وهو أول من منعه عن ذلك: ان النبي غلبه الوجع، وفى بعض طرقه فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وآله، وفى بعضه الاخر قالوا: ان رسول الله يهجر، وعن أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة، فقال عمر كلمة معناها ان الوجع قد غلب على رسول الله صلى الله عليه وآله،) كيف لا يؤول قدح من يقدح في عدالة صحابي اجتهادا، ولا يقر خلافة الشيخين كما لم يقرها فاطمة وعلى وغيرهما من بنى هاشم، والصحابة الذين امتنعوا عن البيعة.
ومن تأمل في ألفاظ هذا الخبر، يعلم أن عمر بن الخطاب هو أول من تكلم بأنه صلى الله عليه وآله يهجر نعوذ بالله وان قاله غيره أيضا قاله متابعة له، والتعبير بأنه قد غلبه الوجع من النقل بالمعنى لا باللفظ تأدبا وتحرزا عن نقل تلك الكلمة، ولو سلم انه لم يزد على قوله: ان النبي غلبه الوجع! أفليس معناه انه صلى الله عليه وآله يهجر أو يغلط؟
أليس هذا رد امر رسول الله صلى الله عليه وآله ومعارضة صريحة؟ أترى في هذا الكلام دلالة على غلبة الوجع وعدم الاعتداد بكلام المتكلم به، لو صدر مثله عن مريض يجوز ان يقال مثل هذا فيه؟
بالله يا أخي تأمل في مغزى هذه الحادثة.
فليس لأحد من الصحابة، كائنا من كان، رد قول النبي صلى الله عليه وآله، لا سيما وهو يريد كتابة وصية لن تضل الأمة بعدها ابدا.
وما معنى الاجتهاد قبال الامر الصريح الصادر عن النبي الذي قال الله تعالى فيه:
(ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، ان هو الا وحى يوحى.) وقال (ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا) فانظر بعين الانصاف تأولات القوم في هذه الرزية، فهذه حاشية السندي على