مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢٤
الأعمال وجها الا المحافظة على الاستمرار في القبض على أزمة الأمور ومقاليد الحكم، والا القضا على الفكر الحر، والا التنكر للحق والقضا عليه، والا بغض علي بن أبي طالب وسائر أهل البيت الذي هو من أظهر آثار النفاق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا يحب عليا منافق، ولا يبغضه مؤمن. وقال جابر: ما كنا نعرف منافقينا الا ببغضهم علي بن أبي طالب.
وهل هنا من المصاديق أجلى من أن يؤمر بضرب المتحدث عن فضل علي والزهراء والحسنين: الذين هم أصحاب الكسا وأهل المباهلة الف سوط لذلك؟
فما ظنك اذن بمن يتتلمذ ويأخذ العلم والحديث عن سائر أئمة أهل البيت كالباقر والصادق والكاظم:، وكيف تكون نظرة هؤلاء إليه، والى أي مدى يكون حقدهم عليه؟!
ثم إن الحكام العباسيين لم يكونوا أقل حماسا في هذا الميدان من الأمويين، فقد اخذوا يقربون الكثير من المحدثين الذين عرفوا عنهم عزوفهم عن الحديث بما روى في فضائل أهل البيت أو الاخذ عنهم وعن شيعتهم في الفقه والتفسير والعقائد، وشددوا النكير على من حدث شيئا في فضائلهم ومناقبهم عليهم السلام منزلين به أشد العقوبات، وأوجدوا محدثين مأجورين يضعون الأحاديث في فضائل بنى العباس وما يؤيد سيرتهم وسياستهم، ويسردونها على العوام.
ذكر الذهبي في ترجمة ابن السقا الحافظ عبد الله بن محمد الواسطي: اتفق انه املى حديث الطير فلم تحتمله نفوسهم، فوثبوا به وأقاموه وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته.
واغرب من ذلك ما فعله أهل دمشق بالنسائي صاحب السنن وخصائص أمير المؤمنين علي عليه السلام.
وبالغ بعضهم في رد فقه أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس، وجعلهم النبي صلى الله عليه وآله عدل القرآن وكسفينة نوح وباب حطة حتى قال ابن خلدون في مقدمته (وهو ممن كان يخدم الملوك والامراء ويتزلف إليهم ويؤيد آرائهم السياسية، هذا الرجل الذي وقعت منه في مقدمته هذه أخطأ فاحشة قد نبه على بعضها الأستاذ شاكر، وما ذلك الا لأنه نظر في المسائل الاسلامية من زاوية وجهة نظر السياسة للدول الأموية
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»