هؤلاء صار أوضح من أن يخفى على الباحث المنصف، وكلما قلت العصبيات زاد الامر وضوحا إلى أن يقطع الله دابر المنافقين.
ومع ذلك كله نحن لم نطلب في (مع الخطيب) وفى سائر كتبنا حول الدعوة إلى الوحدة الاسلامية من هؤلاء الذين جعلوا شعارهم الدعوة إلى التفرقة والاختلاف الا الاعتصام بالوحدة الاسلامية، وان لا يغالوا في ولا المنافقين الذين أظهر آثار النفاق فيهم بغضهم الإمام علي عليه السلام، وعداءهم لأهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس، وأمرنا الرسول الأعظم بالتمسك بهم، وان يأخذوا بالروابط الأصلية الاسلامية التي تربط بين جميع الفرق والمذاهب.
فلا يحكموا بكفر من صرحت صحاح الأحاديث، وسيرة الرسول وسيرة أصحابه على اسلامه، لأنه يتمسك باهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ويأتم بهم، ويقتدى بهداهم وسيرتهم، ويتبرء من أعدائهم، ولا يقول بان الصحابة حتى من ثبت فسقه بل ارتداده بالأثر الصحيح كلهم عدول، بل يحكم على كل منهم بما يحكم عليه التاريخ، ويؤدي إليه اجتهاده.
فإذا أنتم لا تكفرون قتلة عثمان ومن شرك في دمه، واثار الفتنة عليه كأم المؤمنين عايشة وطلحة والزبير، وعمار وغيرهم، ولا تفسقونهم كما لا تفسقون عايشة وطلحة والزبير، ومن كان معهم في وقعة الجمل، وتحملون كل ما صدر عنهم على خطاهم في الاجتهاد، وتقولون للمصيب اجران وللمخطئ اجر واحد، وتقولون بوجوب إطاعة أمير مؤمنيكم مروان، وهو الذي قتل طلحة يوم الجمل، وكان طريد رسول الله صلى الله عليه وآله ولعينه، وقد أسلم عام الفتح اسلام الطلقاء، وهو الذي كان من وراء الاحداث التي أثارت المسلمين على عثمان.
فلم تكفرون وتفسقون اذن من أدى اجتهاده إلى فسق بعضهم أو نفاقهم، ومن أين جئتم بان الايمان بشرعية حكومة جبابرة هذه الأمة، ووجوب اطاعتهم وإطاعة ولاتهم داخل في الايمان؟