مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢٧١
مدخلية لمثل هذه مما نسجته يد السياسة الأثيمة، ومبغضي أهل البيت عليهم السلام في اسلام المسلم أصلا، ولا يجوز تكفير المسلم أو تفسيقه إذا رأى غير ذلك مع التزامه بأحكام الاسلام من الصلاة، والصيام، والحج والزكاة، وغيرها، وتركه ما حرمه الله تعالى في كتابه، وسنة رسوله.
وكل باحث في تاريخ الاسلام إذا كان منصفا يعرف ان الأصل في ادخال هذه الأمور في الدين، ما كان الا سياسة الحكام الذين قلبوا الاسلام ظهرا لبطن، حتى قال أبو الدرداء: والله لا اعرف فيهم من امر محمد صلى الله عليه وآله شيئا الا انهم يصلون جميعا.
وقال انس: ما اعرف شيئا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله، قيل: الصلاة قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها؟
ولكنهم منعوا بكلمتهم (الصحابة كلهم عدول) الأمة عن البحث والتنقيب حول ما شجر بين الأولين لما رأوا ان ذلك يودى إلى معرفتهم ما لا يحبون، ويحتم عليهم النزول عن عروشهم الاستبدادية، وينتهي إلى الحكم بعدم شرعية حكوماتهم، وجعلوا هذا كبعض الأمور التعبدية، الذي لا يجوز لاحد ان يسأل عنه لعدم اهتداء العقل إلى حقيقته، فلا يجوز لاحد ان يتكلم في صحابي، ولو كان بسرا، والمغيرة بن شبعة، وسمرة بن جندب، والوليد بن عقبة، بل ولا في من رأى صحابيا، ولو كان هو الحجاج أو مسلم بن عقبة. وأما إذا كان ممن اعتلوا عرش الحكم واستبدوا بمقدرات الأمة، فلا يجوز القدح في أعماله أصلا لان على الأمة إطاعة الولاة، ولأنهم (العياذ بالله) صنائع الاسلام، ومطبقو مناهجه السياسية فلا يجوز لاحد ان يقف امام مواقفهم السياسية حرا، وينظر إليها بعين الفهم والعقل، والمحاكمة الواعية.
لان هذا يسفر طبعا عما لا يناسب ما اتخذوه عقيدة في بعض الصحابة كان الاسلام مع ما في كتابه من الآيات الكثيرة في منافقي الصحابة، ومع ما أخبر النبي صلى الله عليه وآله في اخبار الحوض عن ارتداد ملا منهم قد سن للصحابة قواعد غير ما سنه لسائر ابنا الأمة.
وما ادرى إلى متى ستستمر أمثال هذه المجادلات؟ ومتى ينتهون من الوقوف في
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»