مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٤
وسكنت الاضطرابات، وسكتت أصوات الثائرين بعد تمامية البيعة والولاية لعلى عليه السلام، ولم ينل بعض الثائرين والناقمين على عثمان كأم المؤمنين عايشة، وطلحة والزبير، ما أرادوا من تهييج الناس على عثمان الذي انتهى بقتله اخذوا ويا للسخرية يطالبون بدمه، والاقتصاص من قتلته، فنكث طلحة والزبير بيعتهما وخرجا بأم المؤمنين عايشة إلى البصرة، وفتحوا على المسلمين أبواب الحروب الداخلية، وتتابعت الاحداث والفتن، وتغلب على بلاد الاسلام وأمور المسلمين ولاة وحكام لم يقل استبدادهم واستضعافهم المسلمين عن الأكاسرة والقياصرة، وصار ما صار، وآل الامر إلى ما آل من قضا على الاسلام، وتمزيق للمسلمين، وديارهم، وتسليط أعدائهم عليهم.
ومع هذا كله لا يمكن مطالبة المسلم الباحث بان يصوب اعمال هؤلاء مع أن التاريخ حفظ من هذه الاحداث وآثارها المخزية ما حفظ كيف يمكن في هذا العصر عصر الكتابة والطباعة، والقضا على الأمية منع جيلنا المسلم عن مطالعة التاريخ، وعن البحث في هذه الأحاديث، والسؤال عما كان ورائها، وعمن كان المسبب لها، والمحقق لمآسيها وفظائعها.
فلو فرض محو اسم الشيعة وكتبهم ومعارفهم عن صفحة الوجود فلا يقتنع الباحثون المعاصرون بقراءة التاريخ من غير تدبير ومعرفة، ولا يمكن منعهم عن ذلك، كما لا يمكن اقناعهم بحمل كل ذلك على الاجتهاد وصدوره عن نيات صادقة خالصة.
إذ لا يمكن ان تكون نتيجة النيات الخالصة هذه الفتن الكبيرة والحروب الدامية، ولا سبيل لكم أيها المغرضون الا ترك تضليل الناس والا دعوتهم إلى الكتاب وسيرة الرسول وسنته، وان لا تزيدوا على ما قرره الرسول صلى الله عليه وآله شيئا من وجوب القول بعدالة الصحابة، وشرعية الحكومات التي غلبت على الأمور، وحتى كاتباع سيرة الشيخين
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»