مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٨٩
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا علي! ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت اني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبرئيل، فقال (يا محمد! انك إلا تفعل ما تؤمر به، يعذبك ربك) فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم أجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذية من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال (خذوا بسم الله) فأكل القوم حتى ما لهم بشئ حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفسي بيده وان كان الرجل الواحد منهم، ليأكل ما قدمت لهم جميعا، ثم قال (اسق القوم)، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا، وأيم الله ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم، بدره أبو لهب، فقال (لقدما سحركم صاحبكم)، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الغد (يا علي! ان هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل ان أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي.) قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال (أسقهم)، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (يا بني عبد المطلب! اني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه. فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟)
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 95 ... » »»