مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٩٠
قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت - واني لأحدثهم سنا وأرمقهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال (ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.) فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.) (1) * * * ثم اعلم أن للحديث طرقا ومتونا أخرى، وفيما أتينا بها من الطرق غنى وكفاية، ولعل الفاحص المتتبع يجد أكثر مما اطلعنا عليه. وفي ختام الكلام ننبه على أمور:
الأول: ان الاختصار الواقع في الأحاديث إنما هو لبعض الأسباب والأغراض:
فتارة اختصر الحديث، لأن مجلس إملاء الحديث كان مناسبا للاختصار، وأخرى لأن الراوي قصد من رواية الحديث التنبيه على نكتة خاصة وموضوع خاص، وثالثة لأنه سئل عن موضوع خاص مربوط ببعض ما في الحديث، ورابعة لعلة خوف الراوي من المستملين والمستمعين، وخامسة، لمنافاة نقل تمام ألفاظ الحديث مع أغراضه السياسية والدنيوية وغير ذلك.
وكل ذلك وان كان ممكنا في الاختصار الذي عرض على هذا الحديث، إلا ان في مثله من أخبار فضائل العترة الطاهرة لما كان الحذف والتحريف والابدال والاختصار، وعدم التصريح بالأسامي، والتأويل، وحتى الاعراض عن سماع الحديث، وترك الاملاء، قد وقع في موارد كثيرة لا تحصى، الأظهر ان ما وقع في هذا الحديث الشريف أيضا من الاختصار والابدال انما وقع لاخفاء فضائلهم وكتمان مناقبهم.
فمثل ابدال قوله (صلى الله عليه وآله) (ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) بجملة (ان هذا أخي ووصيي وكذا وكذا) ليس إلا لذلك عنادا ونصبا، كما أن تركهم

(١) تاريخ الطبري ج ٢، ص 216، الكامل لابن الأثير ج 2، ص 62 و 63، وأخرجه في كنز العمال عن ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم، ج 13، ص 131 و 132 و 133، ح‍ 36419.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 95 97 ... » »»