التحقيق في اصطفاء مريم وعندما نرجع إلى تحقيق مفاد الآية الكريمة وبيان الهدف منها نرى من جهة أولى أن الاصطفاء قد جاء مكررا في الآية مرتين، وفي كل واحدة منها يهدف إلى معنى غير المعنى الآخر كما صرح بذلك فطاحل المفسرين من الفريقين وسبق أن ذكرنا فيما تقدم من أحوال مريم (الحكمة في تكرير اصطفائها) ويلزم هنا أن نشير إلى أهم أقوال المفسرين في اقتضاء التكرير.
فقال بعض المفسرين: إن المراد من الاصطفاء الأول قبولها محررة لخدمة بيت الله - تنفيذا لنذر أمها - مع أنها كانت أنثى، ولم يحصل مثل هذا المعنى لغيرها من الإناث بل كان ذلك خاصا بالرجال فقط. (1) والمراد من الاصطفاء الثاني أن الله وهب لها عيسى من غير أب، وأنطق عيسى حال انفصاله منها حتى يشهد بما يدل على براءتها عن التهمة، وجعلها بذلك وأبنها آية للعالمين. (2) والمروي عن أبي جعفر الباقر (ع) في معنى الآية أنه قال: اصطفاك من ذرية الأنبياء، وطهرك من السفاح واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل. (3)