والنتيجة الأولى من الآيات الكريمة: أن تاريخ اليهود من بعد موسى عليه السلام إلى آخر حياتهم يتلخص بأنهم يفسدون في المجتمع، حتى إذا جاء وقت عقوبتهم على ذلك بعث الله تعالى عليهم قوما منسوبين إليه فيغلبونهم، ثم يجعل الله تعالى الغلبة لليهود على أولئك القوم لحكم ومصالح، ويعطي اليهود أموالا وأولادا ويجعلهم أكثر أنصارا منهم في العالم.
ولكن اليهود لا يستفيدون من أموالهم وأنصارهم بل يسيئون ويفسدون مرة ثانية، وفي هذه المرة يضيفون إلى افسادهم العلو فيستكبرون ويعلون على الناس كثيرا. فإذا جاء وعد عقوبتهم على ذلك سلط الله عليهم أولئك القوم مرة ثانية فأنزلوا بهم عقابا أشد من العقاب الأول على ثلاث مراحل.
والنتيجة الثانية: أن القوم الذين يبعثهم الله عليهم في المرة الأولى يغلبونهم بسهولة " فجاسوا خلال الديار " ويدخلون المسجد الأقصى وينهون قوتهم العسكرية. ثم يرسلهم الله عليهم ثانية على رغم غلبة اليهود عليهم وكثرة أنصارهم ضدهم، فينزلون بهم العقوبة على ثلاث مراحل، حيث يوجهون إليهم أولا ضربات تسوء وجوههم، ثم يدخلون المسجد فاتحين كما دخلوه أول مرة، ثم يسحقون علوهم على الشعوب سحقا.
والسؤال الأساسي الذي طرحه المفسرون: هل أن هذين الافسادين - اللذين يرافق أحدهما علو كبير - قد مضيا، ووقعت العقوبتان الموعودتان عليهما، أم لا؟
فقال بعضهم: إنهما مضيا، ووقعت العقوبة على الافساد الأول على يد نبوخذ نصر، وعلى الافساد الثاني على يد تيطس الروماني.
وقال بعضهم: لم تقع العقوبتان بعد.