عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ٤٦
الألفي سنة التي كانت عاصمتهم فيها روما وقسطنطينية لم يكونوا كلهم من أصل إيطالي، ولا من عرق واحد، بل من أصول وأعراق أوربية متعددة، وربما كان فيهم يونانيون أيضا، بعد أن أصبحت اليونان جزءا من الإمبراطورية الرومانية.
ولعل هذا هو السبب في أنه عندما ضعفت الإمبراطورية الرومية التقليدية، وأصبحت محصورة في القسطنطينية وما حولها، ومحاصرة ببحر الشعوب الاسلامية، قام الأوربيون بادعاء وراثتها، وتسمى عدد من ملوكهم في ألمانيا وغيرها بالقياصرة.
إن هذا النوع من التحول في الإمبراطوريات والدول أمر طبيعي، حيث ينتقل الحكم فيها من بلد إلى بلد ومن شعب إلى شعب، ولا ينافي ذلك بقاء اسمها الأساسي وصفاتها الأساسية.
وعلى هذا، فالأحاديث الشريفة التي تخبر عن مستقبل الروم أو بني الأصفر كما كان يسميهم العرب، لا تقصد خصوص الروم البيزنطيين الإيطاليين، دون الشعوب والقبائل، الفرنجية وغيرها التابعة لهم. وهذا هو السبب في أن المسلمين، كما في كتب التاريخ، يعبرون عنهم بالروم الفرنجة أحيانا، ولكنهم في نفس الوقت يطلقون عليهم جميعا اسم الروم، ويجمعونها فيقولون " الاروام " مضافا إلى ذلك، فإن المفهوم من سورة الروم الشريفة، والحديث فيها عن شركهم بالله تعالى وأحزابهم وأشياعهم في الآيات 31 - 32، وفي سورة الكهف الآيات 12، و 21 وغيرها، أن المقصود بهم الأمم والأحزاب المدعية اتباع المسيح عليه السلام. ومن الواضح أن زعامة الشعوب المسيحية كانت بيد الروم الإيطاليين والقسطنطينيين، ثم ورثها منهم الغربيون.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»